وقيل أصله لات يليت، فالتاء أصلية، وقيل هي زائدة وأصله لوى يلوي لأنهم كانوا يلوون أعناقهم إليها أو يلتوون عليها ويطوفون بها. واختلف القراء هل يوقف عليها بالتاء أو بالهاء؟ فوقف عليها الجمهور بالتاء ووقف عليها الكسائي بالهاء، واختار الزجاج والفراء الوقف بالتاء لاتباع رسم المصحف فإنها تكتب بالتاء، وقرأ ابن عباس وابن الزبير ومجاهد ومنصور بن المعتمر وأبو الجوزاء وأبو صالح وحميد " اللات " بتشديد التاء، ورويت هذه القراءة عن ابن كثير، فقيل هو اسم رجل كان يلت السويق ويطعمه الحاج، فلما مات عكفوا على قبره يعبدونه، فهو اسم فاعل في الأصل غلب على هذا الرجل. قال مجاهد: كان رجلا في رأس جبل يتخذ من لبنها وسمنها حيسا ويطعم الحاج، وكان ببطن نخلة، فلما مات عبدوه. وقال الكلبي: كان رجلا من ثقيف له صرمة غنم، وقيل إنه عامر بن الظرب العدواني، وكان هذا الصنم لثقيف، وفيه يقول الشاعر:
لا تنصروا اللات إن الله مهلكها * وكيف ينصركم من ليس ينتصر قال في الصحاح: واللات اسم صنم لثقيف، وكان بالطائف وبعض العرب يقف عليها بالتاء، وبعضهم بالهاء (والعزى) صنم قريش وبني كنانة. قال مجاهد: هي شجرة كانت بغطفان، وكانوا يعبدونها، فبعث إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد فقطعها، وقيل كانت شيطانة تأتي ثلاث سمرات ببطن نخلة. وقال سعيد بن جبير: العزى حجر أبيض كانوا يعبدونه. وقال قتادة: هي بيت كان ببطن نخلة (ومناة) صنم بني هلال. وقال ابن هشام: صنم هذيل وخزاعة. وقال قتادة: كانت للأنصار. قرأ الجمهور " مناة " بألف من دون همزة، وقرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد ومجاهد والسلمي بالمد والهمز. فأما قراءة الجمهور فاشتقاقها من منى يمنى. أي صب، لأن دماء النسائك كانت تصب عندها يتقربون بذلك إليها. وأما على القراءة الثانية فاشتقاقها من النوء، وهو المطر لأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء، وقيل هما لغتان للعرب، ومما جاء على القراءة الأولى قول جرير:
أزيد مناة توعد يابن تيم * تأمل أين تاه بك الوعيد ومما جاء على القراءة الأخرى قول الحارثي:
ألا هل أتى التيم بن عبد مناءة * على السر فيما بيننا ابن تميم وقف جمهور القراء عليها بالتاء اتباعا لرسم المصحف، ووقف ابن كثير وابن محيصن عليها بالهاء. قال في الصحاح: ومناة اسم صنم كان بين مكة والمدينة، والهاء للتأنيث ويسكت عليها بالتاء، وهي لغة. قوله (الثالثة الأخرى) هذا وصف لمناة، وصفها بأنها ثالثة وبأنها أخرى، والثالثة لا تكون إلا أخرى. قال أبو البقاء:
فالوصف بالأخرى للتأكيد، وقد استشكل وصف الثالثة بالأخرى، والعرب إنما تصف به الثانية، فقال الخليل:
إنما قال ذلك لوفاق رؤوس الآي كقوله - مآرب أخرى - وقال الحسين بن الفضل: فيه تقديم وتأخير، والتقدير:
أفرأيتم اللات والعزى الأخرى ومناة الثالثة. وقيل إن وصفها بالأخرى لقصد التعظيم لأنها كانت عند المشركين عظيمة، وقيل إن ذلك للتحقير والذم، وإن المراد المتأخرة الوضيعة كما في قوله - قالت أخراهم لأولاهم - أي وضعاؤهم لرؤسائهم. ثم كرر سبحانه توبيخهم وتقريعهم بمقالة شنعاء قالوها فقال (ألكم الذكر وله الأنثى) أي كيف تجعلون لله ما تكرهون من الإناث وتجعلون لأنفسكم ما تحبون من الذكور، وقيل وذلك قولهم إن الملائكة بنات الله، وقيل المراد كيف تجعلون اللات والعزى ومناة وهي إناث في زعمكم شركاء الله، ومن شأنهم أن