والظلام، ولا وجه لهذا، على أنه قد روى عن عكرمة أنه قال: الشفق الذي يكون بين المغرب والعشاء، وروى عن أسد بن عمر الرجوع (والليل وما وسق) الوسق عند أهل اللغة: ضم الشئ بعضه إلى بعض، يقال استوسقت الإبل: إذا اجتمعت وانضمت، والراعي يسقها: أي يجمعها. قال الواحدي: المفسرون يقولون:
وما جمع وضم وحوى ولف، والمعنى: أنه جمع وضم ما كان منشرا بالنهار في تصرفه، وذلك أن الليل إذا أقبل آوى كل شئ إلى مأواه، ومنه قول ضابئ بن الحرث البرجمي:
فإني وإياكم وسوقا إليكم * كقابض شيئا لم تنله أنامله وقال عكرمة (وما وسق) أي وما ساق من شئ إلى حيث يأوي، فجعله من السوق لا من الجمع، وقيل (وما وسق) أي وما جن وستر، وقيل " وما وسق " أي وما حمل، وكل شئ حملته فقد وسقته، والعرب تقول: لا أحمله ما وسقت عيني الماء: أي حملته، ووسقت الناقة تسق وسقا: أي حملت. قال قتادة والضحاك ومقاتل بن سليمان: وما وسق وما حمل من الظلمة، أو حمل من الكواكب. قال القشيري: ومعنى حمل ضم وجمع، والليل يحمل بظلمته كل شئ. وقال سعيد بن جبير: وما وسق: أي وما عمل فيه من التهجد والاستغفار بالأسحار، والأول أولى (والقمر إذا اتسق) أي اجتمع وتكامل. قال الفراء: اتساقه امتلاؤه واجتماعه واستواؤه ليلة ثالث عشر ورابع عشر إلى ست عشرة، وقد افتعل من الوسق الذي هو الجمع. قال الحسن: اتسق امتلأ واجتمع. وقال قتادة: استدار، يقال وسقته فاتسق، كما يقال وصلته فاتصل، ويقال أمر فلان متسق: أي مجتمع منتظم، ويقال اتسق الشئ: إذا تتابع (لتركبن طبقا عن طبق) هذا جواب القسم. قرأ حمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو لتركبن بفتح الموحدة على أنه خطاب للواحد، وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو لكل من يصلح له، وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس وأبي العالية ومسروق وأبي وائل ومجاهد والنخعي والشعبي وسعيد بن جبير وقرأ الباقون بضم الواحدة خطابا للجمع وهم الناس. قال الشعبي ومجاهد: لتركبن يا محمد سماء بعد سماء قال الكلبي: يعني تصعد فيها، وهذا على القراءة الأولى، وقيل درجة بعد درجة ورتبة بعد رتبة في القرب من الله ورفعة المنزلة، وقيل المعنى: لتركبن حالا بعد حال كل حالة منها مطابقة لأختها في الشدة، وقيل المعنى:
لتركبن أيها الإنسان حالا بعد حال من كونك نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم حيا وميتا وغنيا وفقيرا، فالخطاب للإنسان المذكور في قوله - يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا - واختار أبو عبيد وأبو حاتم القراءة الثانية قالا:
لأن المعنى بالناس أشبه منه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقرأ عمر " ليركبن " بالتحتية وضم الموحدة على الإخبار، وروى عنه وعن ابن عباس أنهما قرأ بالغيبة وفتح الموحدة: أي ليركبن الإنسان، وروى عن ابن مسعود وابن عباس أنهما قرآ بكسر حرف المضارعة وهي لغة، وقرئ بفتح حرف المضارعة وكسر الموحدة على أنه خطاب للنفس. وقيل إن معنى الآية: ليركبن القمر أحوالا من سرار واستهلال، وهو بعيد. قال مقاتل (طبقا عن طبق) يعني الموت والحياة. وقال عكرمة: رضيع ثم فطيم ثم غلام ثم شاب ثم شيخ. ومحل عن طبق النصب على أنه صفة لطبقا أي طبقا مجاوزا لطبق، أو على الحال من ضمير لتركبن: أي مجاوزين، أو مجاوزا (فما لهم لا يؤمنون) الاستفهام للإنكار، والفاء لترتيب ما بعدها من الإنكار والتعجيب على ما قبلها من أحوال يوم القيامة أو من غيرها على الاختلاف السابق، والمعنى: أي شئ للكفار لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وبما جاء به من القرآن مع وجود موجبات الإيمان بذلك (وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون) هذه الجملة الشرطية وجوابها في محل نصب على الحال: أي أي مانع لهم حال عدم سجودهم وخضوعهم عند قراءة القرآن. قال الحسن وعطاء والكلبي ومقاتل: ما لهم لا يصلون. وقال أبو مسلم: المراد الخضوع والاستكانة. وقيل المراد نفس السجود