زيد، واختاره ابن جرير. وقال مجاهد وقتادة والحسن: أغنى: مول، وأقنى: أخدم، وقيل معنى أقنى: أعطى القنية، وهي ما يتأثل من الأموال. وقيل معنى أقني أرضى بما أعطى: أي أغناه، ثم رضاه بما أعطاه. قال الجوهري: قني الرجل قنى، مثل غنى غنى: أي أعطاه ما يقتني، وأقناه أرضاه، والقني الرضى. قال أبو زيد:
مائة من الإبل فقد أعطى المنى. قال الأخفش وابن كيسان: أقني أفقر، وهو يؤيد القول الأول (وأنه هو رب الشعري) هي كوكب خلف الجوزاء كانت خزاعة تعبدها، والمراد بها الشعري التي يقال لها العبور، وهي أشد ضياء من الشعري التي يقال لها الغميصاء، وإنما ذكر سبحانه أنه رب الشعري مع كونه ربا لكل الأشياء للرد على من كان يعبدها، وأول من عبدها أبو كبشة، وكان من أشراف العرب، وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابن أبي كبشة تشبيها له به لمخالفته دينهم كما خالفهم أبو كبشة، ومن ذلك قول أبي سفيان يوم الفتح: لقد أمر أمر ابن أبي كبشة (وأنه أهلك عادا الأولى) وصف عادا بالأولى لكونهم كانوا من قبل ثمود.
قال ابن زيد: قيل لها عادا الأولى، لأنهم أول أمة أهلكت بعد نوح. وقال ابن إسحاق: هما عادان، فالأولى أهلكت بالصرصر، والأخرى أهلكت بالصيحة. وقيل عاد الأولى قوم هود وعاد الأخرى إرم. قرأ الجمهور " عادا الأولى " بالتنوين والهمز، وقرأ نافع وابن كثير وابن محيصن بنقل حركة الهمزة على اللام وإدغام التنوين فيها (وثمودا فما أبقى) أي وأهلك ثمودا كما أهلك عادا فما أبقى أحدا من الفريقين، وثمود هم قوم صالح أهلكوا بالصيحة، وقد تقدم الكلام على عاد وثمود في غير موضع (وقوم نوح من قبل) أي وأهلك قوم نوح من قبل إهلاك عاد وثمود (إنهم كانوا هم أظلم وأطغى) أي أظلم من عاد وثمود وأطغى منهم، أو أظلم وأطغى من جميع الفرق الكفرية، أو أظلم وأطغى من مشركي العرب، وإنما كانوا كذلك لأنهم عتوا على الله بالمعاصي مع طول مدة دعوة نوح لهم، كما في قوله - فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما - (والمؤتفكة أهوى) الائتفاك الانقلاب، والمؤتفكة مدائن قوم لوط، وسميت المؤتفكة لأنها انقلبت بهم وصار عاليها سافلها، تقول أفكته إذا قلبته، ومعنى أهوى أسقط: أي أهواها جبريل بعد أن رفعها. قال المبرد: جعلها تهوى (فغشاها ما غشى) أي ألبسها ما ألبسها من الحجارة التي وقعت عليها، كما في قوله - فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل - وفي هذه العبارة تهويل للأمر الذي غشاها به وتعظيم له، وقيل إن الضمير راجع إلى جميع الأمم المذكورة: أي فغشاها من العذاب ما غشى على اختلاف أنواعه (فبأي آلاء ربك تتمارى) هذا خطاب للإنسان المكذب: أي فبأي نعم ربك أيها الإنسان المكذب تشكك وتمتري، وقيل الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعريضا لغيره، وقيل لكل من يصلح له، وإسناد فعل التماري إلى الواحد باعتبار تعدده بحسب تعدد متعلقه وسمى هذه الأمور المذكورة آلاء:
أي نعما مع كون بعضها نقما لا نعما، لأنها مشتملة على العبر والمواعظ، ولكون فيها انتقام من العصاة، وفي ذلك نصرة للأنبياء والصالحين. قرأ الجمهور " تتمارى " من غير إدغام، وقرأ يعقوب وابن محيصن بإدغام إحدى التاءين في الأخرى (هذا نذير من النذر الأولى) أي هذا محمد رسول إليكم من الرسل المتقدمين قبله فإنه أنذركم كما أنذروا قومهم، كذا قال ابن جريج ومحمد بن كعب وغيرهما، وقال قتادة: يريد القرآن، وأنه أنذر بما أنذرت به الكتب الأولى، وقيل هذا الذي أخبرنا به عن أخبار الأمم تخويف لهذه الأمة من أن ينزل بهم ما نزل بأولئك، كذا قال أبو مالك. وقال أبو صالح: إن الإشارة بقوله " هذا " إلى ما في صحف موسى وإبراهيم، والأول أولى (أزفت الآزفة) أي قربت الساعة ودنت، سماها آزفة لقرب قيامها، وقيل لدنوها من الناس،