الذي قتل أخاه ظلما. وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه قيل له في هذه الآية يعنى قوله (فكأنما قتل الناس جميعا) أهي لنا كما كانت لبني إسرائيل؟ فقال: إي والذي لا إله غيره. وأخرج أبو داود والنسائي عن ابن عباس في قوله (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) قال: نزلت في المشركين، فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه لم يكن عليه سبيل وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد إن قتل أو أفسد في الأرض أو حارب الله ورسوله. وأخرج ابن جرير والطبراني في الكبير عنه في هذه الآية قال: كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد وميثاق، فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض، فخير الله نبيه فيهم: إن شاء قتل وإن شاء صلب وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وأما النفي فهو الضرب في الأرض، فإن جاء تائبا فدخل في الإسلام قبل منه، ولم يؤخذ بما سلف. وأخرج ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص أن هذه الآية نزلت في الحرورية.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس أن نفرا من عكل قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلموا واجتووا المدينة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتوا إبل الصدقة، فيشربوا من أبوالها وألبانها، فقتلوا راعيها واستاقوها فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طلبهم قافة، فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ولم يحسمهم وتركهم حتى ماتوا، فأنزل الله (إنما جزاء الذين يحاربون) الآية. وفى مسلم عن أنس أنه قال إنما سمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة. وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق والفرياني وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في الآية قال:
إذا خرج المحارب فأخذ المال ولم يقتل قطع مع خلاف، وإذا خرج فقتل ولم يأخذ المال قتل، وإذا خرج وأخذ المال وقتل قتل وصلب، وإذا خرج فأخاف السبيل ولم يأخذ المال ولم يقتل نفى، وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في الآية قال: من شهر السلاح في قبة الإسلام وأفسد السبيل فظهر عليه وقدر، فإمام المسلمين مخير فيه: إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله، قال (أو ينفوا من الأرض) يهربوا ويخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب. وأخرج ابن جرير عنه قال: نفيه أن يطلب. وأخرج أيضا عن أنس نحوه. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم عن الشعبي قال: كان حارثة ابن بدر التيمي من أهل البصرة قد أفسد في الأرض وحارب، فكلم رجالا من قريش أن يستأمنوا له عليا فأبوا فأتى سعيد بن قيس الهمداني، فأتى عليا فقال: يا أمير المؤمنين ما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا؟ قال (أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) ثم قال (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) فقال سعيد: وإن كان حارثة بن بدر، قال: وإن كان حارثة من بدر، قال:
هذا حارثة بن بدر، قد جاء تائبا فهو آمن، قال نعم، فجاء به إليه فبايعه، وقبل ذلك منه وكتب له أمانا. سورة المائدة الآية (5 - 37)