زادت على السرقة بالحرابة، وإذا قتل قتل وإذا أخذ المال وقتل قتل وصلب. وروى عنه أنه قال: يصلب ثلاثة أيام.
وقال أحمد: إن قتل قتل، وإن أخذ المال قطعت يده ورجله كقول الشافعي، ولا أعلم لهذه التفاصيل دليلا لا من كتاب الله ولا من سنة رسوله إلا ما رواه ابن جرير في تفسيره وتفرد بروايته فقال: حدثنا علي بن سهل، حدثنا الوليد بن مسلم عن يزيد بن أبي حبيب: أن عبد الملك بن مروان كتب إلى أنس بن مالك يسأله عن هذه الآية، فكتب إليه يخبره أن هذه الآية نزلت في أولئك النفر العرنيين وهم من بجيلة، قال أنس: فارتدوا عن الإسلام وقتلوا الراعي واستاقوا الإبل وأخافوا السبيل وأصابوا الفرج الحرام، قال أنس: فسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جبريل عن القضاء فيمن حارب، فقال: من سرق وأخاف الطريق فاقطع يده لسرقته ورجله بإضافته، ومن قتل فاقتله، ومن قتل وأخاف السبيل واستحل الفرج الحرام فاصلبه. وهذا مع ما فيه من النكارة الشديدة لا يدرى كيف صحته قال ابن كثير في تفسيره بعد ذكره لشئ من هذه التفاصيل التي ذكرناها ما لفظه: ويشهد لهذا التفصيل الحديث الذي رواه ابن جرير في تفسيره إن صح سنده ثم ذكره. قوله (ويسعون في الأرض فسادا) هو إما منتصب على المصدرية، أو على أنه مفعول له، أو على الحال بالتأويل: أي مفسدين. قوله (أو يصلبوا) ظاهره أنهم يصلبون أحياء حتى يموتوا، لأنه أحد الأنواع التي خير الله بينها. وقال قوم: الصلب إنما يكون بعد القتل، ولا يجوز أن يصلب قبل القتل فيحال بينه وبين الصلاة والأكل والشرب. ويجاب بأن هذه عقوبة شرعها الله سبحانه في كتابه لعباده. قوله (أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) ظاهرة قطع إحدى اليدين وإحدى الرجلين من خلاف سواء كانت المقطوعة من اليدين هي اليمنى أو اليسرى، وكذلك الرجلان ولا يعتبر إلا أن يكون القطع من خلاف إما يمنى اليدين مع يسرى الرجلين أو يسرى اليدين مع يمنى الرجلين، وقيل المراد بهذا قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى فقط. قوله (أو ينفوا من الأرض) اختلف المفسرون في معناه، فقال السدى: هو أن يطلب بالخيل والرجل حتى يؤخذ فيقام عليه الحد أو يخرج من دار الإسلام هربا. وهو محكى عن ابن عباس وأنس ومالك والحسن البصري والسدي والضحاك وقتادة وسعيد بن جبير والربيع بن أنس والزهري، حكاه الرماني في كتابه عنهم. وحكى عن الشافعي أنهم يخرجون من بلد إلى بلد ويطلبون لتقام عليهم الحدود، وبه قال الليث بن سعد. وروى عن مالك أنه ينفى من البلد الذي أحدث فيه إلى غيره ويحبس فيه كالزاني، ورجحه ابن جرير والقرطبي.
وقال الكوفيون: نفيهم سجنهم، فينفي من سعة الدنيا إلى ضيقها. والظاهر من الآية أنه يطرد من الأرض التي وقع منه فيها ما وقع من غير سجن ولا غيره. والنفي قد يقع بمعنى الإهلاك وليس هو مرادا هنا. قوله (ذلك لهم خزي في الدنيا) الإشارة إلى ما سبق ذكره من الأحكام، والخزي: الذل والفضيحة. قوله (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم) استثنى الله سبحانه التائبين قبل القدرة عليهم من عموم المعاقبين بالعقوبات السابقة، والظاهر عدم الفرق. بين الدماء والأموال وبين غيرها من الذنوب الموجبة للعقوبات المعينة المحدودة فلا يطالب التائب قبل القدرة بشئ من ذلك، وعليه عمل الصحابة. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يسقط القصاص وسائر حقوق الآدميين بالتوبة قبل القدرة، والحق الأول. وأما التوبة بعد القدرة فلا تسقط بها العقوبة المذكورة في الآية كما يدل عليه ذكر قيد (قبل أن تقدروا عليهم) قال القرطبي وأجمع أهل العلم على أن السلطان ولى من حارب فإن قتل محارب أخا امرئ وأتاه في حال المحاربة، فليس إلى طالب الدم من أمر المحاربة شئ، ولا يجوز عفو ولى الدم.
وقد أخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل) يقول: من أجل ابن آدم