هو إهلاك عاد (نجينا هودا والذين آمنوا معه) من قومه (برحمة منا) أي برحمة عظيمة كائنة منا لأنه لا ينجو أحد إلا برحمة الله، وقيل هي الإيمان (من عذاب غليظ) أي شديد قيل وهو السموم التي كانت تدخل أنوفهم (وتلك عاد) مبتدأ وخبر، وأنت الإشارة اعتبارا بالقبيلة. قال الكسائي: إن من العرب من لا يصرف عاد ويجعله اسما للقبيلة (جحدوا بآيات ربهم) أي كفروا بها وكذبوها وأنكروا المعجزات (وعصوا رسله) أي هودا وحده، لأنه لم يكن في عصره رسول سواه، وإنما جمع هنا لأن من كذب رسولا فقد كذب جميع الرسل، وقيل إنهم عصوا هودا ومن كان قبله من الرسل، أو كانوا بحيث لو بعث الله إليهم رسلا متعددين لكذبوهم (واتبعوا أمر كل جبار عنيد) الجبار المتكبر، والعنيد: الطاغي الذي لا يقبل الحق ولا يذعن له. قال أبو عبيدة: العنيد العنود والعاند والمعاند، وهو المعارض بالخلاف منه، ومنه قيل للعرق الذي يتفجر بالدم عاند. قال الراجز: * إني كبير لا أطيق العندا * (وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة) أي ألحقوها، وهي الإبعاد من الرحمة والطرد من الخير، والمعنى أنها لازمة لهم لا تفارقهم ما داموا في الدنيا (و) أتبعوها (يوم القيامة) فلعنوا هنالك كما لعنوا في الدنيا (ألا إن عادا كفروا ربهم) أي بربهم. وقال الفراء: كفروا نعمة ربهم، يقال كفرته وكفرت به: مثل شكرته وشكرت له (ألا بعدا لعاد قوم هود) أي لا زالوا مبعدين من رحمة الله، والبعد: الهلاك، والبعد: التباعد من الخير، يقال بعد يبعد بعدا:
إذا تأخر وتباعد، وبعد يبعد بعدا: إذا هلك، ومنه قول الشاعر:
لا يبعدن قومي الذين هم * سم العداة وآفة الجزر وقال النابغة:
فلا تبعدن إن المنية منهل * وكل امرئ يوما به الحال زائل ومنه قول الشاعر:
ما كان ينفعني مقال نسائهم * وقتلت دون رجالهم لا تبعد وقد تقدم أن العرب تستعمله في الدعاء بالهلاك.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة (إلا على الذي فطرني) أي خلقني.
وأخرج ابن عساكر عن الضحاك قال: أمسك الله عن عاد القطر ثلاث سنين، فقال لهم هود (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا) فأبوا إلا تماديا. وأخرج أبو الشيخ عن هارون التيمي في قوله (يرسل السماء عليكم مدرارا) قال: المطر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (ويزدكم قوة إلى قوتكم) قال: شدة إلى شدتكم. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله (ويزدكم قوة إلى قوتكم) قال: ولد الولد. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء) قال: أصابتك بالجنون. وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن سعيد قال: ما من أحد يخاف لصا عاديا، أو سبعا ضاريا، أو شيطانا ماردا فيتلو هذه الآية إلا صرفه الله عنه. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد (إن ربي على صراط مستقيم) قال: الحق. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله (عذاب غليظ) قال: شديد.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله (كل جبار عنيد) قال: المشرك. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: العنيد المشاق. وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في قوله (وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة)