(عما يشركون) بالتحتية. وقرأ الباقون بالفوقية، واختار القراءة الأولى أبو عبيد. قوله (وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا) قد تقدم تفسيره في البقرة، والمعنى: أن الناس ما كانوا جميعا إلا أمة واحدة موحدة لله سبحانه مؤمنة به، فصار البعض كافرا وبقي البعض الآخر مؤمنا فخالف بعضهم بعضا. وقال الزجاج: هم العرب كانوا على الشرك، وقال: كل مولود يولد على الفطرة، فاختلفوا عند البلوغ، والأول أظهر. وليس المراد أن كل طائفة أحدثت ملة من ملل الكفر مخالفة للأخرى، بل المراد كفر البعض وبقي البعض على التوحيد كما قدمنا (ولولا كلمة سبقت من ربك) وهي أنه سبحانه لا يقضى بينهم فيما اختلفوا فيه إلا يوم القيامة (لقضى بينهم) في الدنيا (فيما) هم (فيه يختلفون) لكنه قد امتنع ذلك بالكلمة التي لا تتخلف، وقيل معنى (لقضى بينهم) بإقامة الساعة عليهم، وقيل لفرغ من هلاكهم، وقيل الكلمة إن الله أمهل هذه الأمة فلا يهلكهم بالعذاب في الدنيا، وقيل الكلمة أنه لا يأخذ أحدا إلا بحجة، وهي إرسال الرسل كما قال تعالى - وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا -، وقيل الكلمة قوله " سبقت رحمتي غضبي ". وقرأ عيسى بن عمر " لقضى " بالبناء للفاعل. وقرأ من عداه بالبناء للمفعول.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: قال النضر: إذا كان يوم القيامة شفعت لي اللات والعزى، فأنزل الله (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون، ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم) الآية. وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله (وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا) قال ابن مسعود: كانوا على هدى. وروى أنه قرأ هكذا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله (وما كان الناس إلا أمة واحدة) قال: آدم وحده (فاختلفوا) قال: حين قتل أحدا بني آدم أخاه. وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: كان الناس أهل دين واحد على دين آدم فكفروا، فلولا أن ربك أجلهم إلى يوم القيامة لقضى بينهم.
سورة يونس الآية (20 - 23)