هذا مفتاح كلام، لله الدنيا والآخرة (وللرسول ولذي القربى) فاختلفوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذين السهمين. قال قائل منهم: سهم ذي القربى لقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقال قائل منهم: سهم ذي القربى لقرابة الخليفة، وقال قائل منهم: سهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الخليفة من بعده، واجتمع رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله، فكان ذلك في خلافة أبي بكر وعمر. وأخرج ابن جرير والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا بعث سرية فغنموا خمس الغنيمة فضرب ذلك في خمسه، ثم قرأ (واعلموا أنما غنمتم) الآية، قال قوله (فأن لله خمسه) مفتاح كلام، لله ما في السماوات وما في الأرض، فجعل الله سهم الله والرسول واحدا (ولذي القربى) فعجل هذين السهمين قوة في الخيل والسلاح، وجعل سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل لا يعطيه غيرهم، وجعل الأربعة الأسهم الباقية للفرس سهما ولراكبه سهما وللراجل سهما وأخرج ابن جرير وأبو المنذر وابن أبي حاتم عنه قال: كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس: فأربعة منها بين من قاتل عليها وخمس واحد يقسم على أربعة أخماس، فربع لله وللرسول ولذي القربى، يعني قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما كان لله وللرسول فهو لقرابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الخمس شيئا، والربع الثاني لليتامى، والربع الثالث للمساكين، والربع الرابع لابن السبيل، وهو الضيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله (واعلموا أنما غنمتم من شئ) الآية قال: كان يجاء بالغنيمة فتوضع، فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خمسة أسهم، فيعزل سهما منها ويقسم أربعة أسهم بين الناس، يعني لمن شهد الوقعة، ثم يضرب بيده في جميع السهم الذي عزله، فما قبض عليه من شئ جعله للكعبة، فهو الذي سمى الله لا تجعلوا لله نصيبا فأن لله الدنيا والآخرة - ثم يعمد إلى بقية السهم فيقسمه على خمسة أسهم: سهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم. وسهم لذي القربى وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجعل سهم الله في السلاح والكراع وفي سبيل الله وفي كسوة الكعبة وطيبها وما تحتاج إليه الكعبة.
ويجعل سهم الرسول في الكراع والسلاح ونفقة أهله، وسهم ذي القربى لقرابته يضعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم مع سهمهم مع الناس. ولليتامى والمساكين وابن السبيل ثلاثة أسهم يضعها رسول الله فيمن شاء حيث شاء، ليس لبني عبد المطلب في هذه الثلاثة الأسهم ولرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهم مع سهام الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين المعلم قال: سألت عبد الله بن بريدة عن قوله (فأن لله خمسه وللرسول) فقال:
الذي لله لنبيه والذي للرسول لأزواجه. وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن نجدة كتب إليه يسأله عن ذوي القربى الذين ذكر الله، فكتب إليه إنا كنا نرى أناهم فأبى ذلك علينا قومنا. وقالوا قريش كلها ذوو قربى. وزيادة قوله وقالوا قريش كلها تفرد بها أبو معشر، وفيه ضعف وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس: أن نجدة الحروري أرسل إليه يسأله عن سهم ذي القربى، ويقول لمن تراه؟ فقال ابن عباس: هو لقربي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضا رأيناه دون حقنا فرددناه عليهم وأبينا أن نقبله، وكان عرض عليهم أن يعين ناكحهم وأن يقضى عن غارمهم وأن يعطي فقيرهم وأبي أن يزيدهم على ذلك. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: رغبت لكم عن