سورة الأعراف الآية (53 - 54) قوله (أن أفيضوا علينا من الماء) الإفاضة: التوسعة، يقال أفاض عليه نعمه، طلبوا منهم أن يواسوهم بشئ من الماء أو بشئ مما رزقهم الله من غيره من الأشربة أو الأطعمة، فأجابوا بقولهم (إن الله حرمهما) أي الماء وما رزقهم الله من غيره (على الكافرين) فلا نواسيكم بشئ مما حرمه الله عليكم، وقيل إن هذا النداء من أهل النار كان بعد دخول أهل الأعراف الجنة، وجملة (الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا) في محل جر صفة الكافرين.
وقد تقدم تفسير اللهو واللعب والغرر. قوله (فاليوم ننساهم) أي نتركهم في النار (كما نسوا لقاء يومهم هذا) الكاف نعت مصدر محذوف، وما مصدرية: أي نسيانا كنسيانهم لقاء يومهم هذا. قوله (وما كانوا بآياتنا يجحدون) معطوف على ما نسوا: أي كما نسوا، وكما كانوا بآياتنا يجحدون: أي ينكرونها، واللام في (ولقد جئناهم) جواب القسم، والمراد بالكتاب الجنس، إن كان الضمير للكفار جميعا، وإن كان للمعاصرين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فالمراد بالكتاب القرآن، والتفصيل التبيين، و (على علم) في محل نصب على الحال: أي عالمين حال كونه (هدى) للمؤمنين (ورحمة) لهم. قال الكسائي والفراء: ويجوز " هدى ورحمة " بالخفض على النعت لكتاب. قوله (هل ينظرون إلا تأويله بالهمز من آل، وأهل المدينة يخفون الهمزة. والنظر الانتظار: أي هل ينتظرون إلا ما وعدوا به في الكتاب من العقاب الذي يئول الأمر إليه، وقيل تأويله جزاؤه، وقيل عاقبته. والمعنى متقارب. ويوم ظرف ليقول: أي يوم يأتي تأويله، وهو يوم القيامة (يقول الذين نسوه من قبل) أي تركوه من قبل أن يأتي تأويله (قد جاءت رسل ربنا بالحق) الذي أرسلهم الله به إلينا (فهل لنا من شفعاء) استفهام منهم، ومعناه التمني (فيشفعوا لنا) منصوب لكونه جوابا للاستفهام. قوله (أو نرد) قال الفراء: المعنى أو هل نرد (فنعمل غير الذي كنا نعمل) وقال الزجاج: نرد عطف على المعنى: أي هل يشفع لنا أحد أو نرد. وقرأ ابن أبي إسحاق " أو نرد فنعمل بنصبهما، كقول امرئ القيس:
فقلت له لا تبك عينك إنما * نحاول ملكا أو نموت فنعذرا وقرأ الحسن برفعهما، ومعنى الآية: هل لنا شفعاء يخلصونا مما نحن فيه من العذاب، أو هل نرد إلى الدنيا فنعمل صالحا غير ما كنا نعمل من المعاصي قد خسروا أنفسهم) أي لم ينتفعوا بها فكانت أنفسهم بلاء عليهم ومحنة لهم فكأنهم خسروها كما يخسر التاجر رأس ماله، وقيل خسروا النعيم وحظ الأنفس (وضل عنهم ما كانوا يفترون) أي افتراؤهم أو الذي كانوا يفترونه. والمعنى أنه بطل كذبهم الذي كانوا يقولونه في الدنيا أو غاب عنهم ما كانوا يجعلونه شريكا لله فلم ينفعهم ولا حضر معهم. قوله (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) هذا نوع من بديع صنع الله وجليل قدرته وتفرده بالإيجاد الذي يوجب على العباد توحيده وعبادته