انتهى. قلت: هي الوصايا العشر التي في التوراة، وأولها أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية لا يكن لك إله آخر غيري. ومنها: أكرم أباك وأمك ليطول عمرك في الأرض التي يعطيك الرب إلهك، لا تقتل، لا تزن، لا تسرق، لا تشهد على قريبك شهادة زور، لا تشته بنت قريبك، ولا تشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا مما لقريبك فلعل مراد كعب الأحبار هذا، ولليهود بهذه الوصايا عناية عظيمة وقد كتبها أهل الزبور في آخر زبورهم، وأهل الإنجيل في أول إنجيلهم. وهي مكتوبة في لوحين، وقد تركنا منها ما يتعلق بالسبت. وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) قال: من خشية الفاقة، قال: وكان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته مخافة الفاقة عليها والسبي (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) قال: سرها وعلانيتها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق) قال: خشية الفقر (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) قال: كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسا في السر ويستقبحونه في العلانية، فحرم الله الزنا في السر والعلانية. وأخرج عبد ابن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في قوله (وأن هذا صراطي مستقيما) قال: اعلموا أن السبيل سبيل واحد جماعه الهدى ومصيره الجنة، وأن إبليس اشترع سبلا متفرقة جماعه الضلالة ومصيرها النار. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبزار والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود قال " خط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطا بيده ثم قال: هذا سبيل الله مستقيما، ثم خط خطوطا عن يمين ذلك الخط وعن شماله ثم قال: وهذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). وأخرج أحمد وابن ماجة وابن مردويه من حديث جابر نحوه. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن مردويه عن ابن مسعود أن رجلا سأله: ما الصراط المستقيم؟ قال: تركنا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في أدناه وطرفه الجنة، وعن يمينه جواد وعن شماله جواد، وثم رجال يدعون من مر بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط المستقيم انتهى به إلى الجنة، ثم قرأ ابن مسعود (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (ولا تتبعوا السبل) قال: الضلالات.
سورة الأنعام الآية (154 - 157) هذا الكلام مسوق لتقرير التوصية التي وصى الله عباده بها، وقد استشكل العطف بثم مع كون قصة موسى وإيتائه الكتاب قبل المعطوف عليه. وهو ما تقدم من قوله (ذلكم وصاكم به) فقيل: إن ثم ها هنا بمعنى الواو، وقيل تقدير الكلام: ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب قبل إنزالنا القرآن على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل