عبد الرحمن بن زيد في الآية مثل ما حكينا عنه قريبا. وأخرج أبو الشيخ عن الأعمش في تفسير الآية قال: سمعتهم يقولون إذا فسد الزمان أمر عليهم شرارهم. وأخرج الحاكم في التاريخ والبيهقي في الشعب من طريق يحيى بن هاشم حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " كما تكونون كذلك يؤمر عليكم " قال البيهقي، هذا منقطع ويحيى ضعيف. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (رسل منكم) قال: ليس في الجن رسل، وإنما الرسل في الإنس، والنذارة في الجن، وقرأ - فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين -. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة أيضا عن الضحاك قال: الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون. وأخرج أبو الشيخ في العظمة أيضا عن ليث بن أبي سليم قال: مسلمو الجن لا يدخلون الجنة ولا النار، وذلك أن الله أخرج أباهم من الجنة فلا يعيده ولا يعيد ولده. وأخرج أبو الشيخ في العظمة أيضا عن ابن عباس قال: الخلق أربعة فخلق في الجنة كلهم، وخلق في النار كلهم، وخلقان في الجنة والنار، فأما الذين في الجنة كلهم فالملائكة. وأما الذين في النار كلهم فالشياطين، وأما الذين في الجنة والنار فالإنس والجن، لهم الثواب وعليهم العقاب.
سورة الأنعام الآية (133 - 137) قوله (وربك الغني) أي عن خلقه لا يحتاج إليهم ولا إلى عبادتهم لا ينفعه إيمانهم ولا يضره كفرهم ومع كونه غنيا عنهم، فهو ذو رحمة بهم لا يكون غناه عنهم مانعا من رحمته لهم، وما أحسن هذا الكلام الرباني وأبلغه، وما أقوى الاقتران بين الغنى والرحمة في هذا المقام، فإن الرحمة لهم مع الغنى عنهم هي غاية التفضل والتطول (إن يشأ يذهبكم) أيها العباد العصاة فيستأصلكم بالعذاب المفضى إلى الهلاك (ويستخلف (من بعد) إهلا ك) كم ما يشاء) من خلقه ممن هو أطوع له وأسرع إلى امتثال أحكامه منكم (كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين) الكاف نعت مصدر محذوف، وما مصدرية: أي ويستخلف استخلافا مثل إنشائكم من ذرية قوم آخرين. قيل: هم أهل سفينة نوح، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك فلم يهلكهم ولا استخلف غيرهم رحمة لهم ولطفا بهم (إن ما توعدون) من البعث والمجازاة (لآت) لا محالة فإن الله لا يخلف الميعاد (وما أنتم بمعجزين) أي بفائتين عن ما هو نازل بكم. وواقع عليكم:
يقال أعجزني فلان: أي فاتني وغلبني. قوله (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم) المكانة: الطريقة. أي أثبتوا على ما أنتم عليه، فإني غير مبال بكم ولا مكترث بكفركم، إني ثابت على ما أنا عليه (فسوف تعلمون) من هو على الحق ومن هو على الباطل، وهذا وعيد شديد. فلا يرد ما يقال كيف يأمرهم بالثبات على الكفر؟ و (عاقبة الدار)