هذا وقد روي عن جماعة من الصحابة، منهم أبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، أنهم قرأوا (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن) وفي ذلك تصريح بأن المراد به عقد المتعة. وقد أورد الثعلبي في تفسيره عن حبيب بن أبي ثابت قال: أعطاني ابن عباس مصحفا، فقال هذا على قراءة أبي، فرأيت في المصحف: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى).
وبإسناده عن أبي نضرة قال: (سألت ابن عباس عن المتعة، فقال: أما تقرأ سورة النساء؟ فقلت: بلى. فقال: فما تقرأ (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) قلت لا أقرؤها هكذا. قال ابن عباس: والله هكذا أنزلها الله تعالى - ثلاث مرات ".
وبإسناده، عن سعيد بن جبير أنه قرأ (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى).
وبإسناده عن شعبة عن الحكم بن عتيبة، قال: " سألته عن هذه الآية (فما استمتعتم به منهن) أمنسوخة هي؟ قال الحكم: قال علي بن أبي طالب: لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى إلا شقي ". وبإسناده عن عمران بن الحصين قال: " نزلت آية المتعة في كتاب الله، ولم تنزل آية بعدها تنسخها، فأمرنا بها رسول الله، وتمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله، ومات ولم ينهنا عنها. فقال بعد رجل برأيه ما شاء ".
ومما أورده مسلم بن حجاج في الصحيح قال: " حدثنا الحسن الحلواني قال:
حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: قال عطاء: قدم جابر بن عبد الله معتمرا، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا المتعة فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله، وأبي بكر، وعمر ". ومما يدل أيضا على أن لفظ الاستمتاع في الآية لا يجوز أن يكون المراد به الانتفاع والجماع، أنه لو كان كذلك، لوجب أن لا يلزم شئ من المهر، من لا ينتفع من المرأة بشئ، وقد علمنا أنه لو طلقها قبل الدخول، لزمه نصف المهر، ولو كان المراد به النكاح الدائم، لوجب للمرأة بحكم الآية جميع المهر بنفس العقد، لأنه قال (فآتوهن أجورهن): أي مهورهن. ولا خلاف في أن ذلك غير واجب، وإنما تجب الأجرة بكماله بنفس العقد في نكاح المتعة.
ومما يمكن التعلق به في هذه المسألة الرواية المشهورة عن عمر بن الخطاب أنه قال: " متعتان كانتا على عهد رسول الله حلالا، وأنا أنهى عنهما، وأعاقب عليهما ".
فأخبر بأن هذه المتعة كانت على عهد رسول الله، أضاف النهي عنها إلى نفسه،