وندخلكم مدخلا كريما [31] القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع (مدخلا كريما) مفتوحة الميم. وقرأ الباقون:
(مدخلا) بالضم.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ (مدخلا) يحتمل أن يكون مصدرا، وأن يكون مكانا، فإن حملته على المصدر، أضمرت له فعلا، دل عليه الفعل المذكور، وتقديره ندخلكم فتدخلون مدخلا، وإن حملته على المكان، فتقديره ندخلكم مكانا كريما. وهذا أشبه هنا، لان المكان قد وصف بالكريم في قوله تعالى (ومقام كريم). ومن قرأ (مدخلا) فيجوز فيه أيضا أن يكون مكانا، وأن يكون مصدرا.
اللغة: الاجتناب: المباعدة عن الشئ وتركه جانبا، ومنه الأجنبي. ويقال ما يأتينا فلان إلا عن جنابة: أي بعد، قال علقمة بن عبيدة:
فلا تحرمني نائلا عن جنابة * وإني امرؤ وسط القباب غريب وقال الأعشى:
أتيت حريثا زائرا عن جنابة * فكان حريث عن عطائي جامدا والتكفير: أصله الستر.
المعنى: لما قدم ذكر السيئات، عقبه بالترغيب في اجتنابها، فقال (إن تجتنبوا): أي تتركوا جانبا (كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم): اختلف في معنى الكبيرة فقيل: كل ما أوعد الله تعالى عليه في الآخرة عقابا، وأوجب عليه في الدنيا حدا، فهو كبيرة، وهو المروي عن سعيد بن جبير، ومجاهد. وقيل: كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة، عن ابن عباس، وإلى هذا ذهب أصحابنا، فإنهم قالوا:
المعاصي كلها كبيرة من حيث كانت قبائح، لكن بعضها أكبر من بعض، وليس في الذنوب صغيرة، وإنما يكون صغيرا بالإضافة إلى ما هو أكبر منه، ويستحق العقاب عليه أكثر، والقولان متقاربان.
وقالت المعتزلة: الصغيرة ما نقص عقابه عن ثواب صاحبه، ثم إن العقاب اللازم عليه، ينحبط بالاتفاق بينهم، وهل ينحبط مثله من ثواب صاحبه؟ فعند أبي هاشم من يقول بالموازنة ينحبط، وعند أبي علي الجبائي لا ينحبط، بل يسقط