والتي لا أنصباء لها: السفيح، والمنيح، والوغد، وكانوا يعمدون إلى الجزور، فيجزؤونه أجزاء، ثم يجتمعون عليه، فيخرجون السهام، ويدفعونها إلى رجل، وثمن الجزور على من تخرج له التي لا أنصباء لها، وهو القمار، فحرمه الله تعالى. وقيل: هي كعاب فارس والروم التي كانوا يتقامرون بها، عن مجاهد.
وقيل: هو الشطرنج، عن أبي سفيان بن وكيع. (ذلكم فسق) معناه: إن جميع ما سبق ذكره فسق، أي: ذنب عظيم، وخروج من طاعة الله إلى معصيته، عن ابن عباس. وقيل: إن ذلكم إشارة إلى الاستقسام بالأزلام أي: إن ذلك الاستقسام فسق، وهو الأظهر.
(اليوم يئس الذين كفروا من دينكم) ليس يريد يوما بعينه، بل معناه: الآن يئس الكافرون من دينكم، كما يقول القائل: اليوم قد كبرت! يريد إن الله تعالى حول الخوف الذي كان يلحقهم، من الكافرين اليوم إليهم، ويئسوا من بطلان الاسلام، وجاءكم ما كنتم توعدون به في قوله: (ليظهره على الدين كله) والدين:
اسم لجميع ما تعبد الله به خلقه، وأمرهم بالقيام به، ومعنى (يئسوا): انقطع طمعهم من دينكم أن تتركوه، وترجعوا منه إلى الشرك، عن ابن عباس، والسدي، وعطا. وقيل: إن المراد باليوم يوم عرفة من حجة الوداع، بعد دخول العرب كلها في الاسلام، عن مجاهد، وابن جريج، وابن زيد. وكان يوم جمعة، ونظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم ير إلا مسلما موحدا، ولم ير مشركا.
(فلا تخشوهم) خطاب للمؤمنين، نهاهم الله أن يخشوا ويخافوا من الكفار أن يظهروا على دين الاسلام، ويقهروا المسلمين، ويردوهم عن دينهم (واخشون) أي: ولكن اخشوني، أي: خافوني إن خالفتم أمري، وارتكبتم معصيتي، أن أحل بكم عقابي، عن ابن جريج، وغيره.
(اليوم أكملت لكم دينكم) قيل فيه أقوال أحدها: إن معناه أكملت لكم فرائضي وحدودي، وحلالي وحرامي، بتنزيلي ما أنزلت، وبياني ما بينت لكم، فلا زيادة في ذلك ولا نقصان منه بالنسخ بعد هذا اليوم، وكان ذلك يوم عرفة عام حجة الوداع، عن ابن عباس، والسدي، واختاره الجبائي، والبلخي، قالوا: ولم ينزل بعد هذا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم شئ من الفرائض في تحليل ولا تحريم، وإنه مضى بعد ذلك بإحدى وثمانين ليلة.