السغب، دون أن يكون مخلوقا كذلك، قال النابغة:
والبطن ذو عكن خميص لين * والنحر تنفجه بثدي مقعد (1) لم يصفها بالجوع، وإنما وصفها بلطافة طي البطن، وأما قول الأعشى:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم * وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا (2) فمن الاضطمار من الجوع. والمتجانف: المتمايل للإثم، المنحرف إليه، من جنف القوم إذا مالوا. وكل أعوج فهو أجنف.
المعنى: ثم بين سبحانه ما استثناه في الآية المتقدمة بقوله إلا ما يتلى عليكم، فقال مخاطبا للمكلفين (حرمت عليكم الميتة) أي: حرم عليكم أكل الميتة والانتفاع بها، وهو كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره، مما أباح الله أكله، أهليهما ووحشيهما، فارقه روحه من غير تذكية. وقيل الميتة: كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره، بغير تذكية، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سمى الجراد والسمك ميتا، فقال: " ميتتان مباحتان الجراد والسمك " (والدم) أي: وحرم عليكم الدم، وكانوا يجعلونه في المباعر (3)، ويشوونه، ويأكلونه، فأعلم الله سبحانه أن الدم المسفوح أي: المصبوب، حرام. فأما المتلطخ باللحم، فإنه كاللحم، وما كان كاللحم مثل الكبد، فهو مباح. وأما الطحال فقد رووا الكراهية فيه، عن علي عليه السلام، وابن مسعود، وأصحابهما وأجمعت الامامية على أنه حرام، وذهب سائر الفقهاء إلى أنه مباح.
(ولحم الخنزير) وإنما ذكر لحم الخنزير، ليبين أنه حرام بعينه، لا لكونه ميتة، حتى إنه لا يحل تناوله، وإن حصل فيه ما يكون ذكاة لغيره. وفائدة تخصيصه بالتحريم مع مشاركة الكلب إياه في التحريم، حالة وجود الحياة، وعدمها، وكذلك السباع، والمسوخ، وما لا يحل أكله من الحيوانات أن كثيرا من الكفار اعتادوا أكله،