قاتل في الأشهر الحرم، فقد أحل، فقال: لا تحلوا قتال الآمين البيت الحرام: أي القاصدين. والبيت الحرام: بيت الله بمكة، وهو الكعبة، سمي حراما لحرمته.
وقيل: لأنه يحرم فيه ما يحل في غيره. واختلف في المعني بذلك فمنهم من حمله على الكفار، واستدل بقوله فيما بعد: (ولا يجرمنكم شنآن قوم) الآية. ومنهم من حمله على من أسلم، فكأنه نهى أن يؤخذ بعد الاسلام بذحل (1) الجاهلية، لان الاسلام يجب ما قبله.
(يبتغون) أي: يطلبون يعني الذين يأمون البيت (فضلا من ربهم ورضوانا) أي: أرباحا في تجاراتهم من الله، وأن يرضى عنهم بنسكهم على زعمهم، فلا يرضى الله عنهم وهم مشركون. وقيل: يلتمسون رضوان الله عنهم، بأن لا يحل بهم ما حل بغيرهم من الأمم من العقوبة، في عاجل دنياهم، عن قتادة، ومجاهد.
وقيل: فضلا من الله في الآخرة، ورضوانا منه فيها. وقيل: فضلا في الدنيا، ورضوانا في الآخرة، وقال ابن عباس: إن ذلك في كل من توجه حاجا، وبه قال الضحاك، والربيع.
واختلف في هذا فقيل هو منسوخ بقوله (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) عن أكثر المفسرين. وقيل: لم ينسخ في هذه السورة شئ، ولا من هذه الآية، لأنه لا يجوز أن يبتدئ المشركون في الأشهر الحرم بالقتال، إلا إذا قاتلوا، عن ابن جريج، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام، وروي نحوه عن الحسن. وذكر أبو مسلم: إن المراد به الكفار الذين كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما زال العهد بسورة براءة، زال ذلك الحظر، ودخلوا في حكم قوله تعالى (فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا). وقيل: لم ينسخ من المائدة غير هذه الآية (لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد) عن الشعبي، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد. وقيل: إنما نسخ منها قوله (ولا الشهر الحرام) إلى (آمين البيت الحرام) ذكر ذلك ابن أبي عروبة، عن قتادة قال: نسخها قوله (اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) وقوله (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله) وقوله (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) في السنة التي نادى فيها بالأذان، وهو قول ابن عباس. وقيل: لم ينسخ من هذه الآية إلا