لأنها تقصد. ويقال حللت من الإحرام تحل، والرجل حلال. وقالوا: أحرم الرجل فهو حرام. وقيس وتميم يقولون: أحل من إحرامه فهو محل، وأحرم فهو محرم.
والجرم: القطع والكسب. (ولا يجرمنكم) أي: لا يكسبنكم، وهو فعل يتعدى إلى مفعولين. وقيل: معناه لا يحملنكم، عن الكسائي. قال بعضهم: يقال جرمني فلان على أن صنعت كذا: أي حملني عليه، واستشهدوا بقول الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة * جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا أي حملت. وقيل: معناه أحقت الطعنة لفزارة الغضب. وقيل: معناه كسبت فزارة الغضب. وشنئت الرجل أشنأه، شنأ، وشنأ، وشنآنا، ومشنأ: أبغضته.
وذهب سيبويه إلى أن ما كان من المصادر على فعلان بالفتح، لم يتعد فعله إلا أن يشذ شئ نحو: شنئته شنآنا. قال سيبويه: وقالوا لويته حقه، ليانا، على فعلان.
فعلى هذا يجوز أن يكون الشنان مصدرا مثله. وقال أبو زيد: رجل شنأن، وامرأة شنأنة، مصروفان. ويقال أيضا: رجل شنآن غير منصرف، وامرأة شنآء. فقد جاء الشنآن مصدرا ووصفا، وهما جميعا قليلان.
النزول: قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: نزلت هذه الآية في رجل من بني ربيعة يقال له الحطم. وقال السدي: أقبل الحطم بن هند البكري، حتى أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحده، وخلف خيله خارج المدينة، فقال: إلى ما تدعو؟ وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: يدخل عليكم اليوم رجل من بني ربيعة، يتكلم بلسان شيطان. فلما أجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أنظرني لعلي أسلم، ولي من أشاوره. فخرج من عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لقد دخل بوجه كافر، وخرج بعقب غادر، فمر بسرح (1) من سروح المدينة، فساقه وانطلق به، وهو يرتجز، ويقول:
قد لفها الليل بسواق حطم * ليس براعي إبل ولا غنم ولا بجزار على ظهر وضم * باتوا نياما وابن هند لم ينم (2) بات يقاسيها غلام كالزلم * خدلج الساقين ممسوح القدم (3)