المعنى: (وإن خفتم ألا تقسطوا): أي لا تنصفوا ولا تعدلوا يا معاشر أولياء اليتامى. (في اليتامى): وذكرنا معناه والاختلاف فيه في النزول. (فانكحوا ما طاب لكم): أي ما حل لكم، ولم يقل من طاب لكم، لأن معناه فانكحوا الطيب.
(من النساء): أي الحلال منهن، أي من اللاتي يحل نكاحهن دون المحرمات اللاتي ذكرن في قوله: (حرمت عليكم أمهاتكم) الآية. ويكون تقديره على القول الأول: إن خفتم أن لا تعدلوا في نكاح اليتامى إن نكحتموهن، فانكحوا البوالغ من النساء، وذلك أنه إن وقع حيف في حق البوالغ، أمكن طلب المخلص منهن، بتطييب نفوسهن، والتماس تحليلهن، لأنهن من أهل التحليل وإسقاط الحقوق، بخلاف اليتامى، فإنه إن وقع حيف في حقهن، لم يمكن المخلص منه، لأنهن لسن من أهل التحليل، ولا من أهل اسقاط الحقوق.
وقوله (مثنى وثلاث ورباع): معناها اثنتين اثنتين، وثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا، فلا يقال إن هذا يؤدي إلى جواز نكاح التسع، فإن اثنتين وثلاثة وأربعة، تسعة لما ذكرناه، فإن من قال دخل القوم البلد مثنى، وثلاث، ورباع، لا يقتضي اجتماع الأعداد في الدخول، ولأن لهذا العدد لفظا موضوعا، وهو تسع، فالعدول عنه إلى مثنى وثلاث ورباع، نوع من العي، جل كلامه عن ذلك وتقدس. وقال الصادق عليه السلام: " لا يحل لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحرائر ".
(فإن خفتم ألا تعدلوا) بين الأربع، أو الثلاث، في القسم، أو النفقة، وسائر وجوه التسوية. (فواحدة): أي فتزوجوا واحدة. (أو ما ملكت أيمانكم):
أي واقتصروا على الإماء، حتى لا تحتاجوا إلى القسم بينهن، لأنهن لا حق لهن في القسم. (ذلك): إشارة إلى العقد على الواحدة، مع الخوف من الجور، فيما زاد عليها. (أدنى ألا تعولوا): أي أقرب أن لا تميلوا وتجوروا عن ابن عباس، والحسن، وقتادة. ومن قال معناه: أدنى أن لا تكثر عيالكم، فإنه مع ضعفه في اللغة، ففي الآية ما يبطله، وهو قوله (أو ما ملكت أيمانكم) ومعلوم أن ما يحتاج إليه من النفقة عند كثرة الحرائر من النساء، مثل ما يحتاج إليه عند كثرة الإماء.
وقيل: كان الرجل قبل نزول هذه الآية يتزوج بما شاء من النساء.
وقوله (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) معناه: وأعطوا النساء مهورهن عطية من