يكبروا: نصب بالمبادرة: أي لا تأكلوا مسرفين ومبادرين كبرهم. وقوله بالمعروف:
الجار والمجرور في موضع نصب على الحال. وكفى بالله: الباء مزيدة، والجار والمجرور هنا في موضع رفع بأنه فاعل كفى. وحسيبا: منصوب على الحال أو التمييز، والتقدير: كفى الله في حال الحساب.
المعنى: لما أمر الله بإيتاء الأيتام أموالهم، ومنع من دفع المال إلى السفهاء، بين هنا الحد الفاصل بين ما يحل من ذلك للولي، وما لا يحل فقال: (وابتلوا اليتامى): هذا خطاب لأولياء اليتامى، أمرهم الله أن يختبروا عقول اليتامى في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، واصلاحهم في أموالهم، وهو قول قتادة، والحسن، والسدي، ومجاهد، وابن عباس.
(حتى إذا بلغوا النكاح): معناه حتى يبلغوا الحد الذي يقدرون على المواقعة، وينزلون، وليس المراد بالبلوغ الاحتلام، لأن في الناس من لا يحتلم، أو يتأخر احتلامه، وهو قول أكثر المفسرين. فمنهم من قال: إذا كمل عقله وأونس منه الرشد سلم إليه ماله، وهو الأولى. ومنهم من قال: لا يسلم إليه ماله وإن كان عاقلا، حتى يبلغ خمس عشرة سنة. قال أصحابنا: حد البلوغ إما كمال خمس عشرة سنة، أو بلوغ النكاح، أو الإنبات.
وقوله (فإن آنستم منهم رشدا): معناه فإن وجدتم منهم رشدا، أو عرفتموه، واختلف في معنى قوله (رشدا) فقيل: عقلا ودينا وصلاحا، عن قتادة، والسدي.
وقيل: صلاحا في الدين واصلاحا في المال، عن الحسن، وابن عباس. وقيل:
عقلا، عن مجاهد، والشعبي، قالا: لا يدفع إلى اليتيم ماله، وإن أخذ بلحيته، وإن كان شيخا حتى يؤنس منه رشد العقل. والأقوى أن يحمل على أن المراد به العقل، وإصلاح المال على ما قاله ابن عباس، والحسن وهو المروي عن الباقر، للاجماع على أن من يكون كذلك لا يجوز عليه الحجر في ماله، وإن كان فاجرا في دينه، فكذلك إذا بلغ، وهو بهذه الصفة، وجب تسليم ماله إليه، وفيه أيضا دلالة على جواز الحجر على العاقل، إذا كان مفسدا لماله، من حيث إنه إذا جاز أن يمنع المال عند البلوغ إذا كان مفسدا له، فكذلك يجوز الحجر عليه إذا كان مفسدا له بعد البلوغ، وهو المشهور في أخبارنا.
وقوله (فادفعوا إليهم أموالهم): خطاب لأولياء اليتيم، وهو تعليق لجواز الدفع