أعمالا، إنما جمع لئلا يتوهم أنه عمل يضاف إلى الجميع، كما يضاف القتل إلى جماعة، إذا رضوا به، ومن في قوله (عن شئ منه) لتبيين الجنس، لا للتبعيض، لأنها لو وهبت المهر كله، لجاز بلا خلاف، و (هنيئا مريئا) نصب على الحال.
النزول والنظم: اختلف في سبب نزوله وكيفية نظم محصوله، واتصال فصوله على أقوال: أحدها: إنها نزلت في اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في مالها وجمالها، ويريد أن ينكحها بدون صداق مثلها، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن تقسطوا لهن في إكمال مهور أمثالهن، وأمروا أن ينكحوا ما سواهن من النساء إلى أربع، عن عائشة. وروي ذلك في تفسير أصحابنا وقالوا: إنها متصلة بقوله (ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن فإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا) الآية. وبه قال الحسن، والجبائي، والمبرد. وثانيها: إنها نزلت في الرجل منهم كان يتزوج الأربع، والخمس، والست، والعشر، ويقول: ما يمنعني أن أتزوج كما يتزوج فلان، فإذا فني ماله، مال على مال اليتيم الذي في حجره، فأنفقه. فنهاهم الله عن أن يتجاوزوا الأربع، لئلا يحتاجوا إلى أخذ مال اليتيم. وإن خافوا ذلك مع الأربع أيضا، اقتصروا على واحدة، عن ابن عباس، وعكرمة.
وثالثها: إنهم كانوا يشددون في أموال اليتامى، ولا يشددون في النساء، ينكح أحدهم النسوة، فلا يعدل بينهن، فقال تعالى: كما تخافون ألا تعدلوا في اليتامى، فخافوا في النساء، فانكحوا واحدة إلى أربع، عن سعيد بن جبير، والسدي، وقتادة، والربيع، والضحاك، وفي إحدى الروايتين، عن ابن عباس. ورابعها:
إنهم كانوا يتحرجون من ولاية اليتامى، وأكل أموالهم، إيمانا وتصديقا، فقال سبحانه: إن تحرجتم من ذلك، فكذلك تحرجوا من الزنا، وانكحوا النكاح المباح، من واحدة إلى أربع، عن مجاهد. وخامسها: ما قالها الحسن: إن خفتم ألا تقسطوا في اليتيمة المرباة في حجركم، فانكحوا ما طاب لكم من النساء، مما أحل لكم من يتامى قرباتكم، مثنى وثلاث ورباع، وبه قال الجبائي، وقال: الخطاب متوجه إلى ولي اليتيمة إذا أراد أن يتزوجها. وسادسها: ما قاله الفراء: إن كنتم تتحرجون عن مواكلة اليتامى، فتحرجوا من الجمع بين النساء، وأن لا تعدلوا بين النساء، ولا تتزوجوا منهن إلا من تأمنون معه الجور. قال القاضي أبو عاصم: القول الأول أولى وأقرب إلى نظم الآية، ولفظها.