من حديث أبن عباس (قوله حين رأيتموني جعلت أتقدم) قال الكرماني قال في جهنم حين رأيتموني تأخرت لأن التقدم كاد أن يقع بخلاف التأخر فإنه قد وقع كذا قال و قد وقع التصريح بوقوع التقدم و التأخر جميعا في حديث جابر عند مسلم و لفظه لقد جئ بالنار و ذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها و فيه ثم جئ بالجنة و ذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي و قد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث في أبواب الكسوف (قوله و رأيت فيها عمرو بن لحي) باللام و المهملة مصغر و سيأتي شرح حاله في أخبار الجاهلية (قوله و هو الذي سيب السوائب) جمع سائبة و سيأتي الكلام عليها في تفسير سورة المائدة أن شاء الله تعالى و في هذا الحديث أن المشي القليل لا يبطل الصلاة و كذا اليسير و أن النار و الجنة مخلوقتان موجودتان و غير ذلك من فوائده التي تقدمت مستقصاة في صلاة الكسوف و وجه تعلق الحديث بالترجمة ظاهر من جهة جواز التقدم و التأخر اليسير لأن الذي تنفلت دابته يحتاج في حال امساكها إلى التقدم أو التأخر كما وقع لأبي برزة و قد أشرت إلى ذلك في آخر حديثه و أغرب الكرماني فقال وجه تعلقه بها أن فيه مذمة تسييب الدواب مطلقا سواء كان في الصلاة أم لا (قوله باب ما يجوز من البصاق و النفخ في الصلاة) وجه التسوية بينهما أنه ربما ظهر من كل منهما حرفان وهما أقل ما يتألف منه الكلام وأشار المصنف إلى أن بعض ذلك يجوز و بعضه لا يجوز فيحتمل أنه يرى التفرقة بين ما إذا حصل من كل منهما كلام مفهوم أم لا أو الفرق ما إذا كان حصول ذلك محققا ففعله يضر وإلا فلا (قوله ويذكر عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاص (نفخ النبي صلى الله عليه و سلم في سجوده في كسوف) هذا طرف من حديث أخرجه أحمد و صححه ابن خزيمة و الطبري و ابن حبان من طريق عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام و قمنا معه الحديث بطوله و فيه و جعل ينفخ في الأرض و يبكي و هو ساجد و ذلك في الركعة الثانية و إنما ذكره البخاري بصيغة التمريض لأن عطاء بن السائب مختلف في الاحتجاج به و قد اختلط في آخر عمره لكن أخرجه ابن خزيمة من رواية سفيان الثوري عنه و هو ممن سمع منه قبل اختلاطه و أبوه و ثقة العجلي و ابن حبان و ليس هو من شرط البخاري ثم أورد البخاري في الباب حديث ابن عمر و حديث أنس في النهي عن البزاق في القبلة فأما حديث ابن عمر فقوله فيه أن الله قبل أحدكم بكسر القاف و فتح الموحدة أي مواجهه و قد تقدم في باب حك البزاق باليد من المسجد من أبواب المساجد مع الكلام عليه و زاد في هذه الرواية فتغيظ على أهل المسجد ففيه جواز معاتبة المجموع على الأمر الذي ينكر وأن كان الفعل صدر من بعضهم لأجل التحذير من معاودة ذلك (قوله فلا يبزقن أو قال لا يتنخمن) في رواية الإسماعيلي لا يبزقن أحدكم بين يديه (قوله فيه و قال ابن عمر رضي الله عنهما إذا بزق أحدكم فليبزق على يساره) في رواية الكشميهني عن يساره هكذا ذكره موقوفا و لم تتقدم هذه الزيادة من حديث ابن عمر لكن وقع عند الإسماعيلي من طريق إسحق بن أبي إسرائيل عن حماد بن زيد بلفظ لا يبزقن أحدكم بين يديه و لكن ليبزق خلفه أو عن شماله أو تحت قدمه فساقه كله معطوفا بعضه على بعض و قد بينت رواية البخاري أن المرفوع منه انتهى إلى قوله فلا يبزقن بين يديه و الباقي موقوف و قد اقتصر مسلم و أبو داود و غيرهما على المرفوع منه مع أن هذا الموقوف عن ابن عمر قد
(٦٧)