القبول في هذا الموطن أرجى منه في غيره و لولا ذلك لم يكن في الكلام فائده فلأجل قرب الرجاء فيه من اليقين تميز على غيره و ثبت له الفضل انتهى و الذي يظهر أن المراد بالقبول هنا قدر زائد على الصحة و من ثم قال الداودي ما محصله من قبل الله له حسنة لم يعذبه لأنه يعلم عواقب الأمور فلا يقبل شيئا ثم يحبطه و إذا أمن الاحباط أمن التعذيب و لهذا قال الحسن وددت إني أعلم أن الله قبل لي سجدة واحدة * (فائده) * قال أبو عبد الله الفربري الراوي عن البخاري أجريت هذا الذكر على لساني عند انتباهي ثم نمت فأتاني آت فقرأ و هدوا إلى الطيب من القول الآية (قوله الهيثم) بفتح الهاء وسكون التحتانية بعدها مثلثة مفتوحة و سنان بكسر المهملة و نونين الأولى خفيفة (قوله أنه سمع أبا هريرة وهو يقص في قصصه) أي مواعظه التي كان أبو هريرة يذكر أصحابه بها (قوله و هو يذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أخا لكم) معناه أن أبا هريرة ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستطرد إلى حكاية ما قيل في وصفه فذكر كلام عبد الله بن رواحه بما وصف به من هذه الأبيات (قوله أن أخا لكم) هو المسموع للهيثم و الرفث الباطل أو الفحش من القول و القائل يعني هو الهيثم و يحتمل أن يكون الزهري (قوله إذا انشق) كذا للأكثر و في رواية أبي الوقت كما انشق و المعنى مختلف و كلاهما واضح (قوله من الفجر) بيان للمعروف الساطع يقال سطع إذا ارتفع (قوله العمي) أي الضلالة (قوله يجافي جنبه) أي يرفعه عن الفراش و هو كناية عن صلاته بالليل و في هذا البيت الأخير معنى الترجمة لان التعار هو السهر و التقلب على الفراش كما تقدم وكأن الشاعر أشار إلى قوله تعالى في صفة المؤمنين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا و طمعا الآية * (فائده) * وقعت لعبد الله بن رواحة في هذه الأبيات قصة أخرجها الدارقطني من طريق سلمة بن وهران عن عكرمة قال كان عبد الله ابن رواحة مضطجعا إلى جنب امرأته فقام إلى جاريته فذكر القصة في رؤيتها إياه على الجارية وجحده ذلك و التماسها منه القراءة لأن الجنب لا يقرأ فقال هذه الأبيات فقالت أمنت بالله و كذبت بصري فاعلم النبي صلى الله عليه و سلم فضحك حتى بدت نواجذه قال ابن بطال أن قوله صلى الله عليه و سلم أن أخالكم لا يقول الرفث فيه أن حسن الشعر محمود كحسن الكلام انتهى و ليس في سياق الحديث ما يفصح بان ذلك من قوله صلى الله عليه و سلم بل هو ظاهر في أنه من كلام أبي هريرة و بيان ذلك سيأتي في سياق رواية الزبيدي المعلقة و سيأتي بقية ما يتعلق بالشعر في كتاب الأدب أن شاء الله تعالى (قوله تابعه عقيل) أي عن ابن شهاب فالضمير ليونس و رواية عقيل هذه أخرجها الطبراني في الكبير من طريق سلامه بن روح عن عمه عقيل بن خالد عن ابن شهاب فذكر مثل رواية يونس (قوله وقال الزبيدي الخ) فيه إشارة إلى أنه اختلف عن الزهري في هذا الإسناد فاتفق يونس و عقيل على أن شيخه فيه الهيثم و خالفهما الزبيدي فأبدلهما بسعيد أي ابن المسيب و الأعرج أي ابن عبد الرحمن بن هرمز و لا يبعد أن يكون الطريقان صحيحين فإنهم حفاظ اثبات و الزهري صاحب حديث مكثر و لكن ظاهر صنيع البخاري ترجيح رواية يونس لمتابعة عقيل له بخلاف الزبيدي و رواية الزبيدي هذه المعلقة وصلها البخاري في التاريخ الصغير و الطبراني في الكبير أيضا من طريق عبد الله بن سالم الحمصي عنه و لفظه أن أبا هريرة كان يقول في قصصه أن أخا لكم كان يقول شعرا ليس بالرفث و هو عبد الله بن رواحة فذكر
(٣٤)