وأنهم إذا استجازوا اطراح عهد الرسول صلى الله عليه وآله فهم بأن يطرحوا إنكار ذاعرة (كذا كان) عليهم ويعرضوا عن وعظه وتذكيره أولى وأحرى بل ذلك يورث الجزم بأن النكير عليهم ودفعهم عما اختاروه قد كان مؤديا إلى غاية المكروه ونهاية المحذور وبعبارة أخرى إنما يسوغ أن يقال ذلك إذا لم يكن هناك إمارة تقتضي الخوف وتدعو إلى سوء الظن وإذا فرضنا أن القوم كانوا على أحوال السلامة متظاهرين متمسكين بأوامر الرسول صلى الله عليه وآله جارين على سنته وطريقته ولا يكون لسوء الظن عليهم مجال ولا للخوف من جهتهم طريق وأما إذا فرضنا أنهم دفعوا النص الظاهر وخالفوه وعملوا بخلاف مقتضاه فالأمر ح منعكس منقلب وحسن الظن لا وجه له وسوء الظن هو الواجب ولا ينبغي للمخالفين لنا في هذه المسألة أن يجمعوا بين المتضادات ويفرضوا أن القوم دفعوا النص وخالفوا موجبه وهم مع ذلك على أحوال السلامة المعهودة منهم التي تقتضي من الظنون بهم أحسنها وأجملها وأما أصل شرعية التقية فلا أعلم من محققي أهل السنة من ينكر ذلك وقد فصلنا الكلام في كتابنا الموسوم بمصائب النواصب ولنقتصر هيهنا بما ذكره فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير عند تفسير قوله تعالى " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم الآية " حيث قال:
" التقية إنما تجوز فيما يتعلق بإظهار الموالاة والمعاداة وقد تجوز أيضا فيما يتعلق بإظهار الدين وأما ما يرجع ضرره إلى الغير كالقتل والزنا وغصب الأموال والشهادة بالزور وقذف المحصنات واطلاع الكفار على عورات المسلمين فذلك غير جائز البتة وقال التقية جائزة لصون النفس وهل هي جائزة لصون المال يحتمل أن يحكم