عند كل ذي فهم وكفى بالجهل لصاحبه خزيا وإن قالوا لهم فإذا كان كذلك وجب في حق النظر أن يكون من شاهد الرسول ورأى دلائل المعجزات والعلامات وظهر له البرهان واسفر له البيان بقول يشهد فيه القرآن لا عذر له في تقصير عن حق ولا دخول في باطل فإن الحجة بذلك ألزم وعليه أوجب وكان من أشكل عليه منهم شئ في تفسير آية وتحقيق معنى في كتاب الله أو سنته يرجع في ذلك إلى الرسول فأثبت الحق منه واليقين ونفى عنه الشك والزيغ فمن قصد بعد هذا الحال إلى خلاف الواجب كان حقيقا على الله أن لا يقبل له عذرا ولا يقيل له عثرة وأما من كان في عصرنا هذا الذي قد اختلف فيه الأقاويل وتضادت المذاهب وتشتت الآراء وتباينت الأهواء وضلت المعارف ونقصت البصائر وعدمت التحقيقات إذ ليس من يرجع إليه بزعم أهل يرتكب من أهل هذا العصر مائة ذنب أعذر ممن ارتكب في ذلك العصر ذنبا واحدا أو قلت أن من استبصر في هذا العصر في دينه فشغل نفسه لمعرفة بصيرته حتى عرف من ذلك ما نجا به بتوفيق الله فيما سعى له من الطلب أفضل من عشرة مستبصرين كانوا في ذلك العصر لقلت حقا ولكان صدقا وإذا كان الحال على ما وصفت فيجب أن يكون مستبصرنا أفضل من مستبصرهم إذ كان البرهان قد قطع عذرهم والبيان قد أزاح عللهم بقرعه لأسماعهم صباحا ومساء ومشاهدتهم إياه بأبصارهم من غير تكلف في طلبه وذلك كله معدوم في عصرنا بل نشاهد من الجهل ونباشر من وجوه الباطل ما يضل فيه ذهن الحكيم ويطيش فيه قلب العليم ويذهل معه
(٢٢)