وأما ثانيا فلأنه يرد على استدلالهم بهذه الآية ما أورده كثير منهم كصاحب المواقف وغيره على استدلالنا بحديث الطير حيث قالوا إنه لا يدل على أن عليا عليه السلام أحب الخلق مطلقا بل يمكن أن يكون أحب الخلق بالنظر إلى شئ إذ يصح الاستفسار بأن يقال أحب خلقك في كل شئ أو في بعض الأشياء على غيره الزيادة لا في كل شئ بل جاز أن يكون غيره أزيد ثوابا منه في شئ آخر وذلك أن للمعارض أن يقول: إن هذه الآية لا تدل على أن أبا بكر أتقى الخلق مطلقا لجواز الترديد والاستفسار بأنه أتقى الكل أو البعض ومن كل وجه أو من بعض الوجوه كما ذكرتم في حديث الطير حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة.
وأما ثالثا فلأنا لا نسلم أن معنى قوله تعالى " إن أكرمكم عند الله أتقيكم " ما فهمه بل المراد به كما صرحه به بعض المفسرين " إن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية " وأما رابعا فلأنه إن أريد بالأتقى من كان أتقى من جميع المؤمنين عند نزول الآية فينحصر في النبي صلى الله عليه وآله وإن ارتكب التخصيص وإن أريد به كان أتقى من بعض المؤمنين فلا يلزم منه أفضلية أبي بكر وأكرميته مطلقا فضلا عن علي عليه السلام لوجهين الأول إنا لا نسلم حينئذ أن عليا عليه السلام داخل في ذلك البعض حتى يكون أبو بكر منه الثاني إن الأكرم عند الله هو الذي يكون أتقى جميع المؤمنين كما قال الله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقيكم لا الأتقى من بعض المؤمنين وبالجملة إذا تطرق التخصيص في الأتقى سقط الاستدلال بظاهر المقال.
وأما خامسا فلأنا لا نسلم رواية الشيعة ذلك في شأن علي عليه السلام بل إنما ذكروا ذلك على سبيل الاحتمال في مقام البحث والجدال ولهذا لا يوجد في تفاسيرهم المتداولة