المعروف عند العرب أن كل اثنين من اثنين فإنه يخبر عنه بلفظ الجمع وقد قال الراجز (1) ومهمهين قذفين مرتين * ظهراهما مثل ظهور الترسين (فان قيل): الجمع ضم شئ إلى شئ فالاثنان جمع قلنا: هذا باطل ولو كان كما قلتم لجاز أن نخبر عن الواحد بلفظ الجمع فيقال: زيد قاموا والرجل قتلوا لان الواحد أيضا أجزاء مجموع بعضها إلى بعض، وبالله تعالى التوفيق * 1454 مسألة ولا يحل بيع سلعة على أن يوفيه الثمن في مكان مسمى ولا على (2) أن يوفيه السلعة في مكان مسمى لأنه شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل لكن يأخذه البائع بايفائه الثمن حيث هما أو حيث وجده هو أو وكيله من بلاد الله تعالى إن كان الثمن حالا (3) لأمر الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم باعطاء كل ذي حق حقه، وليس على البائع إلا أن لا يحول (4) بين المشترى وبين ما باع (5) منه فقط وبالله تعالى التوفيق * 1455 مسألة ولا يحل بيع جارية بشرط أو توضع على يدي عدل حتى تحيض رائعة كانت أو غير رائعة والبيع بهذا الشرط فاسد، فان غلب على ذلك فبيعه تام وهو قول أبي حنيفة. والشافعي. وأبي سليمان، وأوجبه مالك في الرائعة ولم يوجبه في غير الرائعة، وهذا أول التناقض. وفساد القول لان غير الرائعة توطأ كما توطأ الرائعة وتحمل كما تحمل الرائعة، ثم أعظم التناقض قولهم: ان الحيض لا يكون براءة من الحمل وان الحامل قد تحيض فقلنا لهم: يا هؤلاء فلأي معنى أوجبتم منع المشترى من جاريته وأوجبتم هذا الشرط الفاسد الذي لم يوجبه قرآن. ولا سنة. ولا رواية فاسدة.
ولا قول صاحب. ولا قياس. ولا تورع. ولا رأى يعقل؟ وأنتم تقولون: انها إذا حاضت أسلمت إليه وحل له التلذذ منها فيما فوق المئزر وحل له وطؤها بعد الطهر، وممكن عندكم أن تكون حاملا من البائع حينئذ، فأي فرق بين ما أبحتم له الآن وبين ما منعتموه منه قبل أن تحيض وخوف الحمل. وفساد المبيع موجود في كلتا الحالتين؟ فأي عجب أعجب من هذا! ولا خلاف بيننا وبينكم في أنه ان ظهر بها حمل بعد الحيض وبعد إباحتكم له وطئها فولدته لأقل من ستة أشهر فان البيع مفسوخ وهي مردودة إلى البائع (6) وولدها به لاحق إن كان قد أقر بوطئها ولم يدع استبراء، فأي منفعة للمواضعة أو أي معنى لها؟
فان قالوا: لانما اتبعنا النص الوارد لا توطأ حائل حتى تحيض قلنا: كلا بل خالفتم هذا النص بعينه لأنكم فرقتم بين الرائعة وغير الرائعة وليس هذا في الخبر ولا قاله أحد نعلمه