لو صح لما كان لهم فيه حجة لأنه إنما يكون نهيا عن بيعه قبل أن يصاد وهكذا نقول كما حملوا خبرهم في النهى عن بيع الآبق على أنه في حال إباقه لا وهو مقدور عليه * ومن عجائب الدنيا احتجاجهم بخبر هم أول مخالف له وحرموا به ما ليس فيه من بيع الجمل الشارد، فان قالوا: قسنا الجمل الشارد على العبد الآبق قلنا: القياس كله باطل ثم نقول للحنيفيين: هلا قستم الجمل الشارد في ايجاب الجعل فيه على الجعل في العبد الآبق؟ فان قالوا: لم يأت الأثر إلا في الآبق: قلنا: ولا جاء هذا الأثر الساقط أيضا الا في الآبق * قال على: وروينا عن سنان بن سلمة. وعكرمة أنهما لم يجيزا بيع العبد الآبق قال عكرمة:
ولا الجمل الشارد، وممن روينا عنه مثل قولنا ما روينا من طريق ابن أبي شيبة نا عبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه اشترى بعيرا وهو شارد * قال على: ما نعلم له مخالفا من الصحابة رضي الله عنهم، وهذا اسناد في غاية الصحة والثقة وهم يعظمون خلاف مثل هذا إذا وافقهم ويجعلونه اجماعا، وعهدنا بالحنيفيين والمالكيين يقولون إذا روى الصحاب خبرا وخالفه: فهو أعلم بما روى وهو حجة في ترك الخبر، وقد روينا من طريق وكيع عن موسى ابن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر) وقد صح عن ابن عمر إباحة بيع الجمل الشارد فلو كان عنده غرر اما خالف ما روى هذا لازم لهم على أصولهم والا فالتناقض حاصل وهذا أخف شئ عليهم * ومن طريق ابن أبي شيبة نا جرير عن المغيرة عن الشعبي عن شريح أن رجلا أتاه فقال: إن لي عبدا آبقا وأن رجلا يساومني به أفأبيعه منه قال: نعم فإنك إذ رأيته فأنت بالخيار إن شئت أجزت البيع وان شئت لم تجزه، قال الشعبي: إذا أعلمه منه ما كان يعلم منه جاز بيعه ولم يكن له خيار * ومن طريق حماد ابن سلمة عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين أن رجلا أبق غلامه فقال له رجل: بعني غلامك فباعه منه ثم اختصما إلى شريح فقال شريح: إن كان أعلمه مثل ما علم فهو جائز * ومن طريق عبد الرزاق نا معمر عن أيوب السختياني قال: أبق غلام لرجل فعلم مكانه رجل آخر فاشتراه منه فخاصمه إلى شريح بعد ذلك قال ابن سيرين: فسمعت شريحا يقول له: أكنت أعلمته مكانه ثم اشتريته؟ فرد البيع لأنه لم يكن أعلمه * قال أبو محمد: وهذا صحيح لان كتمانه مكانه وهو يعلمه أيهما علمه فكتمه غش وخديعة والغش. والخديعة يرد منهما البيع * ومن طريق الحجاج بن المنهال نا حماد بن زيد عن أيوب السختياني أن محمد بن سيرين كان لا يرى بأسا بشراء العبد الآبق إذا كان علمهما فيه واحدا * ومن طريق ابن أبي شيبة نا أبو سعد (1) عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه انه كان