لزوما لا انفكاك منه، وأيضا فما الذي جعل علتكم بأولى من علة الحنيفيين الذين عللوا الأربعة الأصناف بالكيل. والذهب. والفضة بالوزن وقالوا: لم يذكر عليه السلام الا مكيلا أو موزونا، وهذا ما لا مخلص لهم (1) منه وحاش لله أن يكون ههنا علة لم يبينها الله في كتابه ولا على لسان رسوله عليه السلام بل تركنا في ضلال ودين غير تام ووكلنا إلى ظنون أبي حنيفة. ومالك. والشافعي التي (2) لا معنى لها هذا أمر لا يشك فيه ذو عقل والحمد لله رب العالمين، وقالت طائفة: علة (3) الربا هي الكيل والوزن في جنس واحد أو جنسين فقط فإذا كان الصنف مكيلا بيع بنوعه كيلا بمثله يدا بيد ولم يحل فيه التفاضل ولا النسيئة وجاز بيعه بنوع آخر من المكيلات متفاضلا يدا بيد ولا يجوز فيه النسيئة، وإذا كان موزونا جاز بيعه بنوعه وزنا بوزن نقدا ولا يجوز فيه التفاضل ولا النسيئة وجاز بيعه بنوع آخر من الموزونات متفاضلا يدا بيد ولا يجوز فيه النسيئة إلا في الذهب.
والفضة خاصة فإنه يجوز أن يباع بهما سائر الموزونات نسيئة (4) وجاز بيع المكيل بالموزون متفاضلا ومتماثلا نقدا ونسيئة كاللحم بالبر أو كالعسل بالتمر أو الزبيب بالشعير وهكذا في كل شئ، وهو قول أبي حنيفة. وأصحابه، وقد رغب بعض المتأخرين منهم عن هذه العلة بسبب انتقاضها عليهم في الذهب والفضة بسائر (5) الموزونات فلجأ إلى أن قال: علة الربا هي وجود الكيل. أو الوزن فيما يتعين فما زادونا بهذا الا جنونا وكذبا بدعواهم ان الدنانير. والدراهم لا تتعين وهذه مكابرة العيان، وأيضا فان علة الذهب (6) والفضة عندهم تتعين وهم يجيزون تسليمه فيما يوزن فلم ينتفعوا بهذه الزيادة السخيفة في إزالة تناقضهم، ثم أتوا بتخاليط تشبه ما يأتي به من يغل لفساد عقله: قد تقصيناها في هذا المكان الا أن منها مخالفتهم السنة المتفق عليها من كل من يرى الربا في غير النسيئة فأجاز والتمرة بالتمرتين يدا بيد ويلزمهم أن يجيزوا تسليم ثلاث حبات من قمح في حبتين من تمر، وهذا خروج عن الاجماع المتيقن * قال أبو محمد: واحتجوا لقولهم هذا بما رويناه من طريق مسلم نا ابن قعنب عن سليمان - يعنى ابن بلال - عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث أن أبا هريرة. وأبا سعيد حدثاه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أخا بني عدى الأنصاري فاستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال:
لا والله يا رسول الله انا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: