وبالله تعالى التوفيق * وقالت طائفة: علة الربا إنما هي الطعم في الجنس أو الجنسين. والتثمين في الجنس أو الجنسين فما كان يؤكل. ويشرب فلا يجوز متفاضلا أصلا ولا بنسيئة أصلا وإنما يجوز فيه التماثل نقدا فقط إذا كان في جنس واحد فإن كان من جنسين جاز فيه التماثل والتفاضل نقدا، ولم يجز فيهما النسيئة، وما كان لا يؤكل ولا يشرب ولا هو ذهب ولا فضة فالتماثل والتفاضل والنقد والنسيئة جائز فيه جنسا كان أو جنسين فأجاز رطل حديد برطلي حديد إلى أجل، وكذلك في كل ما لا يؤكل ولا يشرب ولا هو ذهب ولا فضة، ومنع من بيع رطل سقمونيا برطلي سقمونيا، وكذلك كل ما يتداوى به لأنه يطعم على وجه ما، وهو قول الشافعي الآخر وعليه يعتمد أصحابه وإياه ينصرون، واحتج أهل هذه المقالة بالخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطعام بالطعام مثلا بمثل) من طريق معمر ابن عبد الله العدوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم * قال أبو محمد: هكذا رويناه من طريق مسلم نا هارون بن معروف أنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو - هو ابن الحرث - أن أبا النضر حدثه ان بسر بن سعيد حدثه عن معمر ابن عبد الله العدوي قال: (كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الطعام بالطعام مثلا بمثل (1)) * قال على: وحرفه بعض متأخريهم ممن لا علم له بالحديث ولا ورع له يحجزه عن أن يتكلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يقله ولا جاء عنه وبما لاعلم له به فأطلقه اطلاقا بلا اسناد (2) فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يباع الطعام بالطعام الا مثلا بمثل) * قال أبو محمد: وهذا كذب بحت وتعمد لوضع الحديث ان لم يكن خطأ من جاهل، وما جاء هكذا قط ولا يوجد أبدا من طريق غير موضوعة * قال أبو محمد: ولا حجة لهم في الخبر المذكور لأنه إنما فيه الطعام بالطعام مثلا بمثل وليس فيه المنع عند مثلا بأكثر ولا اباحته إنما هو مسكوت عنه فوجب طلبه من غير هذا الخبر، وأيضا فان لفظة الطعام لا تطلق في لغة العرب الا على البر وحده كما روينا من طريق أبي سعيد الخدري - وهو حجة في اللغة - كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من أقط فلم يوقع اسم الطعام الاعلى البر وحده، وأيضا فإذا كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطعام بالطعام مثلا بمثل) موجبا عندكم للمنع من بيع الطعام بالطعام أكثر من مثل بمثل فاجعلوا - ولابد - اقتصاره
(٤٧٣)