خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر (1)) * والآخر الثابت من طريق أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (من علامة النفاق ثلاثة وان صلى وصام وزعم أنه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف. وإذا اؤتمن خان (2))، فهذان أثران في غاية الصحة آثار أخر لا تصح، أحدها من طريق الليث عن ابن عجلان (ان رجلا من موالي عبد الله بن عامر بن ربيعة العدوي حدثه عن عبد الله ابن عامر قالت لي أمي هاه تعال أعطك فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أردت ان تعطيه؟ فقالت أعطية تمرا فقال لها عليه السلام أما أنك لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة)، هذا لا شئ لأنه عمن لم يسم * وآخر من طريق ابن وهب أيضا عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأي المؤمن حق واجب) (3) هشام بن سعد ضعيف وهو مرسل، ومن طريق ابن وهب عن إسماعيل بن عياش عن أبي إسحاق (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولا تعد أخاك وعدا فتخلفه فان ذلك يورث بينك وبينه عداوة) وهذا مرسل وإسماعيل بن عياش ضعيف * ومن طريق ابن وهب أخبرني الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال لصبي تعال هاه لك ثم لم يعطه شيئا فهي كذبة) ابن شهاب كان إذ مات أبو هريرة ابن أقل من تسع سنين لم يسمع منه كلمة، وأبو حنيفة. ومالك يرون المرسل كالمسند ويحتجون بما ذكرنا فيلزمهم أن يقضوا بانجاز الوعد على الواعد ولابد وإلا فهم متناقضون فلو صحت هذه الآثار لقلنا بها، وأما الحديثان اللذان صدرنا بهما فصحيحان الا أنه لا حجة فيهما علينا لأنهما ليسا على ظاهر هما لان من وعد بما لا يحل أو عاهد على معصية فلا يحل له الوفاء بشئ من ذلك كمن وعد بزنا. أو بخمر. أو بما يشبه ذلك، فصح أن ليس كل من وعد فأخلف أو عاهد فغدر مذموما ولا ملوما ولا عاصيا بل قد يكون مطيعا مؤدى فرض، فإذ ذلك كذلك فلا يكون فرضا من إنجاز الوعد والعهد إلا على من وعد بواجب عليه كانصاف من دين أو أداء حق فقط، وأيضا فان من وعد وحلف واستثنى فقد سقطه عنه الحنث بالنص والاجماع المتيقن، فإذا سقط عنه الحنث لم يلزمه فعل ما حلف عليه، ولا فرق بين وعد أقسم عليه وبين وعد لم يقسم عليه، وأيضا فان الله تعالى يقول: (ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله)، فصح تحريم الوعد بغير استثناء فوجب أن من وعد ولم يستثن فقد عصى الله تعالى في وعده ذلك، ولا يجوز أن يجبر أحد على معصية، فان استثنى فقال
(٢٩)