وقد اختلف السلف في ذلك، فروى عن ابن عباس ان لغو اليمين هو اليمين في الغضب ولا كفارة فيها * قال أبو محمد: وهذا قول لا دليل على صحته بل البرهان قائم بخلافه كما روينا من طريق البخاري نا أبو معمر - هو عبد الله بن عمرو هو الرقى - (1) نا عبد الوارث بن سعيد التنوري نا أيوب - هو السختياني - عن القاسم بن عاصم عن زهدم الجرمي عن أبي موسى أنه سمعه يقول: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من الأشعريين فوافقته وهو غضبان فاستحملناه فخلف أن لا يحملنا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها الا أتيت الذي هو خير وتحللتها (2))، فصح وجوب الكفارة في اليمين في الغضب قال تعالى: (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون) والحالف في الغضب معقد ليمينه فعليه الكفارة * وأما اليمين في المعصية فروينا من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي البختري أن رجلا أضافه رجل فحلف أن يأكل فحلف الضيف أن لا يأكل فقال له ابن مسعود: كل وانى لا ظن أن أحب إليك أن تكفر عن يمينك، فلم ير الكفارة في ذلك الا استحبابا * ومن طريق حماد بن سلمة عن داود بن هند عن عبد الرحمن بن عابس ان ابن عباس حلف أن يجلد غلامه مائة جلدة ثم لم يجلده قال: فقلنا له في ذلك فقال: ألم تر ما صنعت (3)؟ تركته فذاك بذاك * ومن طريق سفيان بن عيينة عن سليمان الأحول قال:
من حلف على ملك يمينه أن يضربه فان كفارة يمينه أن لا يضربه وهي مع الكفارة حسنة * ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن المغيرة عن إبراهيم فيمن حلف أن يضرب مملوكه قال إبراهيم: لان يحنث أحب إلى من أن يضربه قال المعتمر: وحلفت أن أضرب مملوكة لي فنهاني أبى ولم يأمرني بكفارة * ومن طريق محمد بن المثنى نا عبيد الله بن موسى العبسي نا حنظلة بن أبي سفيان الجمحي قال: سئل طاوس عمن حلف أن لا يعتق غلاما له فأعتقه؟ فقال طاوس: تريد من الكفارة أكثر من هذا؟ * ومن طريق عبد الرزاق عن هشيم عن أبي بشر - هو جعفر ابن أبي وحشية - عن سعيد بن جبير في لغو اليمين قال: هو الرجل يحلف على الحرام فلا يؤاخذه الله بتركه (4) * ومن طريق إسماعيل بن إسحاق نا مسدد نا عبد الواحد ابن زياد نا عاصم عن الشعبي قال: اللغو في اليمين كل يمين في معصية فليست لها كفارة