الحكم به * أما الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فساقطة لأنه انفرد بها كثير بن عبد الله بن زيد ابن عمرو هو ساقط متفق على اطراحه وان الرواية عنه لا تحل * وأما الرواية عن عمر فانفرد بها عبد الملك بن الوليد بن معدان عن أبيه وكلاهما لا شئ، ثم لو صحا لكانا حجة لنا لان الصلح على الانكار وعلى السكوت لا يخلو ضرورة من أحد وجهين إما أن يكون الطالب طالب حق والمطلوب مانع حق أو مما طلا لحق، أو يكون الطالب طالب باطل ولابد من أحدهما فإن كان الطالب محقا فحرام على المطلوب بلا خلاف من أحد من أهل الاسلام أن يمنعه حقه أو أن يمطله وهو قادر على أنصافه حتى يضطره إلى اسقاطه بعض حقه أو أخذ غير حقه فالمطلوب في هذه الجهة أ كل مال الطالب بالباطل وبالظلم. والمطل. والكذب وهو حرام بنص القرآن، وإن كان الطالب مبطلا فحرام عليه الطلب بالباطل وأخذ شئ من مال المطلوب بغير حق بلا خلاف من أحد من أهل الاسلام وبنص القرآن. والسنة، فالطالب في هذه الجهة أكل مال المطلوب بالباطل والظلم والكذب وهذا حرام بنص القرآن، ولعمري اننا ليطول عجبنا كيف خفى هذا الذي هو أشهر من الشمس على من أجاز الصلح بغير الاقرار؟ إذ لابد فيه ضرورة من أكل مال محرم بالباطل لاحد المتصالحين في كلا الوجهين، وأما الصلح على ترك اليمين فلا تخلو تلك اليمين التي يطلب بها المنكر من أن تكون صادقة ان حلف بها أو تكون كآبة ان حلف بها ولا سبيل إلى ثالث، فإن كان المطلوب كاذبا إن حلف فقد قدمنا انه آكل مال خصمه بالباطل والظلم والكذب، ولا يحل له ذلك، وإن كان المطلوب صادقا إن حلف فحرام على الطالب أن يأخذ منه فلسا فما فوقه بالباطل، وهذا لا خفاء به على أحد يتأمله ويسمعه * وأما مصالحة المرء على غيره واقراره على غيره فهذا أبطل. الباطل لقول الله تعالى: (ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى) فاقرار المرء على غيره كسب على غير نفسه فهو باطل ومصالحته عن غيره لا تخلو أيضا مما قدمنا إما أن يكون الذي صولح عنه مطلوبا بباطل أو مطلوبا بحق ولا بد من أحدهما فإن كان مطلوبا بباطل فحرام على الطالب ان يأخذ فلسا فما فوقه أو شيئا أصلا بطلب باطل فيكون أكل مال بالباطل وإن كان الذي صولح عنه مطلوبا بحق فإن كان المتبرع بالصلح عنه ضامنا لما على المطلوب فهذا جائز والحق قد تحول حينئذ على المقر فإنما صالح حينئذ عن نفسه لا عن غيره وعن حق يأخذه به الطالب كله ان شاء وهذا جائز حسن لا نمنع منه، وكذلك ان ضمن عنه بعض ما عليه ولا فرق وإنما نمنع من أن يصالح عن غيره دون دون ان يضمن عنه الحق الذي عليه وهذا في غاية البيان وبالله تعالى التوفيق، فقد صح بهذا ان كل صلح على غير الاقرار
(١٦٣)