وذلك الذي صولح عند منكر وإنما يجوز الصلح مع الاقرار بالحق فقط وهو قول ابن أبي ليلى الا أنه جوز الصلح على السكوت الذي لا اقرار معه ولا انكار، وهو قول الشافعي الا أنه جوز الصلح على اسقاط اليمين وأن يقر انسان عن غيره ويصالح عنه بغير أمره وهذا نقض لاصله، وهو أيضا قول أبى سليمان الا انه جوز الصلح على اسقاط اليمين وهذا نقض لاصله * روينا من طريق حماد بن زيد عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين قال: كان لرجل على رجل حق فصالحه عنه ثم رجع فيه فخاصمه إلى شريح فقال له شريح: شاهدان ذوا عدل انه تركه ولو شاء أديته إليه، فهذا شريح لم يجز الصلح الا مع قدرة صاحب الحق على أخذ حقه بأداء الذي عليه الحق إليه حقه وفسخه إذا لم يكن كذلك وهو قولنا * ومن طريق ابن أبي شيبة نا ابن أبي زائدة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن شريح قال: أيما امرأة صولحت عن ثمنها ولم يبين لها ما ترك زوجها فتلك الريبة كلها * وهذا أيضا بيان انه لم يجز الصلح الا على اقرار بمعلوم، وقال أبو حنيفة. ومالك: الصلح على الانكار وعلى السكوت الذي لا اقرار معه ولا انكار جائز * قال أبو محمد: برهان صحة قولنا قول الله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن ترض منكم) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فصح أن كل مال حرام على غير صاحبه ويحرم على صاحبه أن يبيحه لغيره الا حيث أباح القرآن. والسنة اخراجه أو أوجبا اخراجه، ولم يأت نص بجواز الصلح على شئ مما ذكرنا، والحديث المشهور من طريق (1) الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة. وزيد بن خالد الجهني قال: (جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله قال أحدا لخصمين: ان ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فقالوا لي: على ابنك الرجم ففديت ابني بمائة من الغنم ووليدة تم سألت أهل العلم فقالوا: إنما على ابنك جلد مائه (2) وتغريب عام [وإنما الرجم على امرأته] (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة. والغنم فرد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريم عام) وذكر باقي الخبر فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلح المذكور وفسخه * قال أبو محمد: احتج المتأخرون المجيزون للصلح على الانكار وعلى سائر ما ذكرنا بقول الله تعالى: (والصلح خير) وبقول الله تعالى: (أوفوا بالعقود) وبما روينا من
(١٦١)