فإن قبل الذي عليه الدين ما أبرأه أو وهب له: بطل الدين عنه، وانتقض الصرف لان البراءة توجب سقوط القبض، الذي هو مستحق حقا للشرع في الصرف، فإذا اتفقا على إسقاطه: بطل العقد، بفواته.
وإن لم يقبل عليه الدين البراءة: لا تصح، لأنها سبب للفسخ، فلا يثبت بقول أحد المتعاقدين بعد صحة العقد، ولو استبدل عن ذلك الدينار شيئا بخلاف جنسه، فالبيع فاسد، لان فيه تفويت القبض الذي هو حق الشرع - وإذا لم يصح هذا، بقي عقد الصرف وقد وجد قبض أحد البدلين، فعليه أن يقبض الآخر، ويتم العقد الأول بينهما.
وإن أخذ عن الدينار الذي عليه دينار أردأ مما سمى أو زيوفا: فإنه يجوز، ولا يكون استبدالا، لأنه من جنس حقه، إلا أنه ناقص الوصف، والجيد والردئ سواء ههنا.
فإن امتنع الواهب والمبرئ أن يأخذ ما وهب له أو أبرأ فإنه يجبر على ذلك، لان في ترك قبض ذلك فساد عقد الغير.
ولو باع دينارا بعشرة دراهم، وسلم الدينار، ولم يقبض العشرة، وكان لمشتري الدينار على بائعه عشرة دراهم، فأراد المقاصة - فههنا ثلاث مسائل:
أحدها - أن العشرة التي على البائع وجبت عليه قبل الصرف، بقرض أو غصب أو من ثمن مبيع، فأراد أن يجعلا ثمن الدينار، وهو العشرة، قصاصا بذلك الدين: فإن أجمعا على ذلك: جاز وكان قصاصا، وإن لم يجمعا على ذلك: لم يكن قصاصا - وهذا جواب الاستحسان، والقياس أن لا يجوز وهو قول زفر.
والثانية - أن يصير قصاصا وإن لم يتقاصا، وهو أن تكون العشر دينا، على بائع الدينار، بقبض مضمون، بعد عقد الصرف - بأن غصب