الأشهر لم يثبت القصاص:
واستدل له: بأن الآمر قد أسقط حقه بالإذن فلا يتسلط عليه الوارث، وأورد عليه الأستاذ: بأن الانسان غير مسلط على اتلاف نفسه ليكون إذنه بالاتلاف مسقطا للضمان كما هو الحال في الأموال فعمومات أدلة القصاص محكمة.
ولكن يمكن أن يقال: إن لا تلاف النفس المحترمة حيثيتين، إحداهما حق الله تعالى وهو حكمه تعالى بعدم جواز الاتلاف، والأخرى حق الناس وهو ثبوت القصاص أو الدية، وما أفاده - دام ظله - يتم في الأولى ولا يتم في الثانية بعد كون الانسان مالكا لنفسه ولأعضائه وأعماله وذمته بالملكية الذاتية. والمراد بالذاتي ما لا يحتاج تحققه إلى أمر خارجي، لا الذاتي في باب البرهان، ولا الذاتي في باب الكليات، وهي عبارة عن الإضافة الحاصلة بين الشخص ونفسه وعمله وذمته، والشاهد به الضرورة والوجدان والسيرة العقلائية.
فالإذن يسقط حق القصاص والدية. والدليل على كونه من قبيل حق الناس القابل للاسقاط أن للولي ذلك فلنفسه بالأولى، فتدبر، فإنه حقيق به.
لو أمر بقتل نفسه السادسة: لو أمر شخص غيره بأن يقتل نفسه فقتل نفسه، فإن كان المأمور صبيا غير مميز فعلى الآمر القود لأنه القاتل عرفا والصبي المباشر بمنزلة الآلة.
وإن كان مميزا أو بالغا، فإن كان مختارا أو متوعدا بما دون القتل فلا قصاص على الآمر، إذ لا يجوز للمأمور في هذه الموارد أن يقتل فلو قتل نفسه فقد فعل حراما ولا يسأل عنه غيره.