____________________
قبيح - وإن وقعوا في محذور آخر أشد - من حيث لا يشعرون - وهو إيجاد الشريك لله تعالى في سلطانه، فلا يستلزم اعتقادهم هذا شيئا من النجاسة والكفر. وأما ما ورد في بعض الروايات (* 1) من أن القائل بالتفويض مشرك فقد ظهر جوابه مما ذكرناه سابقا من أن للشرك مراتب عديدة وهو غير مستتبع للكفر على اطلاقه كيف ولا اشكال في اسلام المرائي في عبادته مع أن الرياء شرك بالله سبحانه فالشرك المستلزم للكفر إنما هو الاشراك في ذاته تعالى أو في عبادته لأنه المقدار المتيقن من قوله تعالى: إنما المشركون نجس (* 2) على تقدير دلالته على نجاسة المشرك لأن هؤلاء المشركين لم يكونوا إلا عبدة الأصنام والأوثان فالذي يعبد غير الله تعالى أو يشرك في ذاته هو المحكوم بكفره دون مطلق المشرك. ثم إن القول بالجبر والقول بالتفويض لما كانا في طرفي النقيض وكان يلزم على كل منهما محذور فقد نفاهما الأئمة الهداة عليهم صلوات الله الملك المتعال وأثبتوا الأمر بين الأمرين قائلا: بأنه لا جبر ولا تفويض بل منزلة بينهما (* 3) فإن في الفعل اسنادين: اسناد إلى الله سبحانه وهو اسناد الإفاضة والاقدار دون اسناد الفعل إلى فاعله واسناد إلى فاعله اسناد العمل إلى عامله. وقد ذكر شيخنا الأستاذ " قده " إن في هذه الأخبار الشريفة المثبتة للمنزلة بين المنزلتين لدلالة واضحة على ولايتهم صلوات الله عليهم أجمعين حيث إن الالتفات إلى هذه الدقيقة التي يتحفظ فيها على كلتا الجهتين عدالة الله وسلطانه لا يكون إلا عن منشأ إلهي ولنعم ما أفاده.