____________________
أهل الكتاب - لأن نجاسته من جهتين من جهة أنه دم ومن جهة أنه من نجس العين وقد فرضنا أن الأدلة إنما دلت على العفو عن النجاسة الدموية لا عن النجاسة من جهة أخرى. وإما أن تدل على العفو عن نجاسة الدم وإن كانت نجاسته من جهتين فتشمل حينئذ دم نجس العين كالمشرك وغيره إلا أنها غير شاملة لدم ما لا يؤكل لحمه لأن فيه جهة أخرى من المانعية غير مانعية النجس كما لا يخفى. وإما أن تدل على العفو عن مانعية الدم الأقل من مقدار الدرهم مطلقا فتشمل الأخبار حينئذ كل دم أقل من الدرهم ولو كان مما لا يؤكل لحمه. والمقدار المتيقن من تلك المحتملات هو الأول وعليه لا دلالة لها على العفو عن دم نجس العين فضلا عما لا يؤكل لحمه. وإن شئت قلت إن نجاسة دم نجس العين وإن كانت نجاسة واحدة إلا أنها من جهتين كما مر ودليل العفو لم يدل على أزيد من العفو عن نجاسة الدم بما هو فلا يعم ما إذا كان الدم من نجس العين لأن نجاسته من جهتين. ويؤكد ذلك أن أدلة العفو المتقدمة إنما يستفاد منها عدم مانعية الدم الأقل من الدرهم، ولم تدل على أن فيه اقتضاء للجواز فكيف يمكن معه أن يلتزم بمانعية بصاق المشرك أو اليهودي - مثلا - بناء على نجاسته، وإن كان قليلا ولا يلتزم بمانعية دمه؟! ثم لو أغمضنا عن ذلك كله وبنينا على أن أدلة العفو تشمل دم نجس العين كغيره فالنسبة بينها وبين ما دل على المنع عن الصلاة في ثوب اليهودي والنصراني (* 1) عموم من وجه، حيث أنها تدل على بطلان الصلاة فيما تنجس من ثيابهما ولو بدمهما وهذه الأدلة تقتضي جواز الصلاة في الدم الأقل لو كان من اليهودي أو غيره من الأعيان النجسة فتتعارضان في الدم الأقل إذا كان من نجس العين وتتساقطان والمرجع حينئذ هو المطلقات وهي تقتضي بطلان الصلاة في دم نجس العين ولو كان أقل من الدرهم.