____________________
واستدل على اعتصام الجاري القليل رابعا، بصحيحة داود بن سرحان قال: قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في ماء الحمام؟ قال هو بمنزلة الماء الجاري (* 1) وقد شبه ماء الحمام بالماء الجاري مطلقا، فيستفاد منها أن الجاري باطلاقه معتصم سواء أكان قليلا أم كان كثيرا.
وقد يناقش في دلالتها: بأن وجه الشبه فيها غير معلوم، ولم يعلم أن الإمام (ع) شبه ماء الحمام بالجاري في أي شئ، فالرواية مجملة.
وهذه المناقشة لا ترجع إلى محصل: لأن تشبيه ماء الحمام بالجاري موجود في غيرها من الأخبار أيضا والمستفاد منها أن التشبيه إنما هو من حيث الاعتصام، وذلك دفعا لما ربما يتوهم من أن ماء الحمام قليل في حد نفسه. فينفعل بالملاقاة لا محالة. ومعه كيف يتطهر به بمجرد اتصاله بمادته بالأنبوب أو بغيره، فإن للحمامات المتعارفة مادة جعلية بمقدار الكر بل بأضعافه وتتصل بما في الأحواض الصغيرة بالأنابيب أو بغيرها، وفي مثلها قد يتوهم الانفعال نظرا إلى أن المادة الجعلية أجنبية ومنفصلة عما في الحياض، ومجرد الاتصال بالأنبوب لا يكفي عند العرف في الاعتصام. لاختلاف سطحي الماءين فتصدى (ع) لدفع ذلك بأن ماء الحمام كالجاري بعينه، فكما أنه عاصم لاتصاله بمادته كذلك ماء الحمام، غاية الأمر أن المادة في أحدهما أصلية وفي الآخر جعلية.
فالصحيح في الجواب أن يقال: إن نظرهم عليه السلام في تلك الروايات إلى دفع توهم الانفعال بتنزيل ماء الحمام منزلة الماء الجاري، ومن الظاهر أن المياه الجارية في أراضي العرب والحجاز منحصرة بالجاري الكثير، ولا يوجد فيها جار قليل وإن كان يوجد في أراضي العجم كثيرا، فالتنظير والتشبيه، بلحاظ أن الجاري الكثير كما أنه معتصم لكثرته، ويتقوى بعضه
وقد يناقش في دلالتها: بأن وجه الشبه فيها غير معلوم، ولم يعلم أن الإمام (ع) شبه ماء الحمام بالجاري في أي شئ، فالرواية مجملة.
وهذه المناقشة لا ترجع إلى محصل: لأن تشبيه ماء الحمام بالجاري موجود في غيرها من الأخبار أيضا والمستفاد منها أن التشبيه إنما هو من حيث الاعتصام، وذلك دفعا لما ربما يتوهم من أن ماء الحمام قليل في حد نفسه. فينفعل بالملاقاة لا محالة. ومعه كيف يتطهر به بمجرد اتصاله بمادته بالأنبوب أو بغيره، فإن للحمامات المتعارفة مادة جعلية بمقدار الكر بل بأضعافه وتتصل بما في الأحواض الصغيرة بالأنابيب أو بغيرها، وفي مثلها قد يتوهم الانفعال نظرا إلى أن المادة الجعلية أجنبية ومنفصلة عما في الحياض، ومجرد الاتصال بالأنبوب لا يكفي عند العرف في الاعتصام. لاختلاف سطحي الماءين فتصدى (ع) لدفع ذلك بأن ماء الحمام كالجاري بعينه، فكما أنه عاصم لاتصاله بمادته كذلك ماء الحمام، غاية الأمر أن المادة في أحدهما أصلية وفي الآخر جعلية.
فالصحيح في الجواب أن يقال: إن نظرهم عليه السلام في تلك الروايات إلى دفع توهم الانفعال بتنزيل ماء الحمام منزلة الماء الجاري، ومن الظاهر أن المياه الجارية في أراضي العرب والحجاز منحصرة بالجاري الكثير، ولا يوجد فيها جار قليل وإن كان يوجد في أراضي العجم كثيرا، فالتنظير والتشبيه، بلحاظ أن الجاري الكثير كما أنه معتصم لكثرته، ويتقوى بعضه