تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " (1) والمثل قد يكون من حيث الصورة، ومن حيث القيمة، وإذا لم يكن للمنافع مثل من حيث الصورة، وجب القيمة.
وإذا غصب أرضا فزرعها ببذر من عنده وماله، وغرسها كذلك، فالزرع والشجر له، لأنه عين ماله، وإنما تغيرت صفته بالزيادة والنماء، على ما قدمناه وحررناه، وعليه أجرة الأرض، لأنه قد انتفع بها بغير حق، فصار غاصبا للمنفعة، فلزمه ضمانها، وعليه أرش نقصانها، إن حصل بها نقص، لأن ذلك حصل بفعله، ومتى قلع الشجر فعليه تسوية الأرض وكذا لو حفر بئرا، أجبر على طمها، وللغاصب ذلك، وإن كره مالك الأرض لما في تركه من الضرر عليه بضمان ما يتردى فيها، هكذا ذكره بعض أصحابنا.
والأولى عندي أن صاحب الأرض إذا رضي بعد حفره بالحفر، ومنعه من الطم، فله المنع، ولا يكون الحافر ضامنا لما يقع فيها، لأن صاحب الأرض قد رضي، فكأنما أمره بحفرها ابتداء.
ومن حل دابة، فشردت، أو فتح قفصا، فذهب ما فيه، لزمه الضمان، سواء كان ذلك عقيب الحل والفتح، أو بعد إن وقفا، لأن ذلك كالسبب في الذهاب، ولولاه لما أمكن، ولم يحدث سبب آخر من غيره، فوجب عليه الضمان.
ولا خلاف أنه لو حل رأس الزق، فخرج ما فيه، وهو مطروح، لا يمسك ما فيه من غير الشد، لزمه الضمان، وقال بعض أصحابنا: ولو كان الزق قائما مستندا، وبقي محمولا، حتى حدث به ما أسقطه من ريح، أو زلزلة، أو غيرهما، فاندفق ما فيه، لم يلزمه الضمان، لأنه قد حصل هاهنا مباشرة، وسبب من غيره (2).