وهو أن يحلب بعض اللبن ويبيعه مع ما في الضروع، مدة من الزمان، على ما وردت بمثله الأخبار، أو يجعل عوض اللبن شيئا من العروض، ويبيعه مع ما في الضروع مدة من الزمان، لأن الإجارة لا تصح هاهنا، لأن الإجارة استحقاق منافع السلعة المستأجرة، دون استحقاق أعيان منها.
والأقوى عندي المنع من ذلك كله، لأنه غرر، وبيع مجهول، والرسول عليه السلام، نهى عن بيع الغرر، فمن أثبت ذلك عقدا (1) يحتاج إلى دليل شرعي، والذي ورد فيه، أخبار آحاد شذاذ، وقد بينا أن أخبار الآحاد عند أصحابنا، لا توجب علما ولا عملا، والواجب على المفتي الرجوع في صحة الفتوى، إلى الأدلة القاطعة.
ولا يجوز أن يبيع الإنسان أصواف الغنم، وشعرها على ظهورها، فإن أراد بيعها، جعل معها شيئا آخر.
وقال شيخنا المفيد، في مقنعته: يجوز ذلك، إذا كان مشاهدا (2).
والأول قول شيخنا أبي جعفر (3)، والأظهر عندي قول شيخنا المفيد رحمه الله، لأنه غير موزون، ما دام على ظهور الغنم، وإنما يصير موزونا إذا فارقها، فلو حرمنا بيعه قبل مفارقتها، لحرمنا عليه (4) بيع ثمرة جميع الأشجار، ما عدا النخل قبل مفارقتها للشجر.
وكذلك لا يجوز أن يبيع (5) ما في بطون الأنعام، والأغنام من الحيوان، فإن أراد بيع ذلك، جعل معه شيئا آخر، ليسلم من الغرر، فإن لم يكن ما في البطون حاصلا، كان الثمن في الآخر، على ما روي في الأخبار (6)، من طريق الآحاد.
والأولى عندي ترك العمل بذلك. أجمع، لأنه غرر وجزاف، منهي عنهما.