وقال شيخنا في نهايته: وإذا اشترى إنسان من غيره شيئا من القصب أطنانا معروفة، ولم يتسلمها، غير أنه شاهدها، فهلك القصب قبل أن يقبض، كان من مال البايع، دون المبتاع، قال شيخنا: لأن الذي اشتري منه في ذمته (1).
قال محمد بن إدريس: هذا البيع ما هو في الذمة، بل بيع عين مرئية مشاهدة، فكيف يكون في الذمة، وأيضا لو كان في الذمة، طالبه بعوضه وببدله، فأما قوله رحمه الله: " كان من مال البايع دون المبتاع " فصحيح، إذا لم يمكن البايع المبتاع من قبضه، فأما إذا مكنه من قبضه، ولم يقبضه، وتركه عند بايعه، بعد أن مكنه من قبضه، فإنه يهلك من مال المبتاع، دون البايع، فليلحظ ذلك، فهذا تحرير الفتيا.
ولا يجوز بيع ما في الآجام من السمك، لأن ذلك مجهول فإن كان فيها شئ من القصب، فاشتراه، واشترى معه ما فيها من السموك، لم يكن به بأس، وكذلك إن أخذ شيئا من السمك، وباعه إياه مع ما في الأجمة، كان البيع ماضيا، لأنه يؤمن مع ذلك الغرر، على ما روي (2).
والاحتياط عندي، ترك العمل بهذه الرواية لأنها من شواذ الأخبار، لأن المعلوم، إذا أضيف إلى المجهول، والمجهول إذا أضيف إلى المعلوم، صير ذلك المعلوم مجهولا، وهذه كلها أخبار آحاد، يوردونها في أبواب الغرر، وبيع المجازفة، فلا تترك الأصول، ويرجع إليها، بل لا يعرج عليها.
وروي (3) أنه لا بأس أن يندر لظروف السمن والزيت وغيرهما، شئ معلوم، إذا كان ذلك معتادا بين التجار، ويكون مما يزيد تارة، وينقص أخرى، ولا يكون مما يزيد، ولا ينقص، فإن كان مما يزيد، ولا ينقص، لم يجز