تعدوا فيه، أو لم يتعدوا، فرطوا في حفاظه، أو لم يفرطوا، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في مبسوطه (1).
والذي تقتضيه أصولنا، أن المستام لا ضمان عليه، إذا لم يفرط، لأنه أخذه بإذن صاحبه، وعن أمره، ولأن الأصل، براءة الذمة فمن شغلها بشئ يحتاج إلى دليل، قاهر، فأما إن ادعى الرد، فيحتاج إلى بينة.
فأما ما أورده شيخنا في مبسوطه، فهو مذهب المخالفين، بناءا منه أن المستعير ضامن، بنفس العارية، من غير شرط، قاسوا المستام على المستعير، والمستعير عندنا لا ضمان عليه، إلا بالشرط، ثم القياس عندنا باطل غير معمول عليه، والمستام أخذ الشئ بإذن صاحبه واختياره، فهو أمين، وسبيله سبيل الأمناء، لا ضمان عليه إلا بالتفريط، فليلحظ ذلك، فأما في الرد، فإنه يحتاج إلى بينة، على ما قدمناه.
وأما المختلف فيه فهو الصناع الذين يتقبلون الأعمال، مثل القصار، والصباغ، والحائك، وغيرهم، فإذا تلف المال الذي تسلموه للعمل في أيديهم، فهل عليهم الضمان، أم لا؟ قيل: فيه قولان، أحدهما يلزمهم، تعدوا فيه، أو لم يتعدوا، الثاني لا ضمان عليهم، إلا أن يتعدوا.
وكلا الوجهين رواه أصحابنا (2) والأخير هو الأظهر بين الطائفة، والأصح من القولين، والمعمول عليه عند المحصلين، لأن هؤلاء سبيلهم سبيل الأمناء، لأن الإنسان يستأمن الصانع، ويسلم ماله إليه، ولا خلاف أن الأمين لا ضمان عليه.
وجميع من يحصل بيده مال (3) من وكيل، سواء كان بجعل، أم غير جعل، ومضارب، ومستام، وأجير، مشتركا كان، أو غير مشترك، ومرتهن، ومستعير، وراع، وأمين، وملتقط، إذا ادعوا رد الشئ الذي حصل بأيديهم، إلى مالكه