قال محمد بن إدريس: لا فرق بين الأمرين في أن ذلك لا يحرمها على الأب، لأن الرسول عليه السلام قال: لا يحرم الحرام الحلال (1) وقال تعالى:
" فانكحوا ما طاب لكم من النساء " (2) وهذه قد طابت، وقال تعالى: " أو ما ملكت أيمانكم " (3) وهذه ملك يمين، والأصل الإباحة أيضا، فلا يرجع عن هذه الأدلة القاهرة بأخبار الآحاد، إذا لا إجماع منعقد على تحريم هذه الجارية على الأب، ولا نص كتاب، ولا سنة متواترة، ودليل العقل غير مانع من وطيها، وإلى هذا ذهب شيخنا، أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه، في كتابه، كتاب من لا يحضره فقيه، قال: وإن زنى رجل بامرأة ابنه أو امرأة أبيه، أو بجارية ابنه، أو بجارية أبيه، فإن ذلك لا يحرمها على زوجها، ولا يحرم الجارية على سيدها، وإنما يحرم ذلك إذا كان ذلك منه بالجارية وهي حلال، فلا تحل تلك الجارية أبدا لابنه، ولا لأبيه (4) هذا آخر كلام ابن بابويه.
ونعم ما قال، فإنه كان ثقة جليل القدر، بصيرا بالأخبار، ناقدا للآثار، عالما بالرجال، حفظة، وهو أستاذ شيخنا المفيد، محمد بن محمد بن النعمان.
وقد روي أن من فجر بعمته أو خالته لم تحل له ابنتاهما أبدا (5)، أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (6)، وشيخنا المفيد في مقنعته (7)، والسيد المرتضى في انتصاره (8)، فإن كان على المسألة إجماع، فهو الدليل عليها، ونحن قائلون وعاملون بذلك، وإن لم يكن إجماعا، فلا دليل على تحريم البنتين المذكورتين، من كتاب ولا سنة، ولا دليل عقل، وليس دليل الإجماع في قول رجلين، ولا