كان قد دخل بالمرأة المرضعة، لأن الجارية الرضيعة صارت ربيبة من نسائه اللاتي دخل بهن، وحرمت الكبيرة المرضعة، لأنها صارت من جملة أمهات نسائه، فإن لم يكن دخل بالكبيرة، فإن الجارية المرضعة تحل له، لأنها ممن لم يدخل بأمها، فأما الكبيرة فهي محرمة عليه على كل حال.
وشيخنا أبو جعفر، أطلق ذلك في نهايته، من غير تفصيل، فإنه قال: ولو إن رجلا عقد على جارية رضيعة، فأرضعتها امرأته، حرمتا عليه جميعا، وإن أرضعت الجارية امرأتان له، حرمت عليه الجارية والمرأة التي أرضعتها أولا، ولم تحرم عليه التي أرضعتها ثانيا (1).
لأنها بعد رضاعها من المرأة الأولى، صارت بنته، فإذا أرضعتها المرأة الأخيرة، فقد أرضعت بنته ولا بأس بأن ترضع امرأة الرجل بنته بغير خلاف وهذه رواية (2) شاذة أوردها بعض أصحابنا.
والصحيح إن الأخيرة تحرم عليه أيضا، لأنها أم من كانت زوجته، فهي داخلة تحت عموم قوله تعالى: " وأمهات نسائكم " (3) فالتمسك بالقرآن وعمومه، أولى من التمسك برواية شاذة، أو قول مصنف، وإيراده في سواد كتابه.
وإن عقد على جاريتين رضيعتين، فإن أرضعتهما امرأة له، حرمت عليه المرضعة والجاريتان معا، فإن أرضعت امرأتان له هاتين الجاريتين، حرمن كلهن، هذا كله بشرط اعتبار الدخول بالكبار المرضعات، فإن لم يكن دخل بالكبار، حرمن الكبار، ولا يحرمن الصغار على ما قدمناه وحررناه.
فأما مهور هن، فإن كان قد دخل بالكبار، فقد استقر مهور هن عليه.
فأما مهور الصغار، فهي أيضا عليه، لأن الفسخ جاء لا من قبلهن، وقال بعض أصحابنا يعود به على الكبار، ولا أرى لهذا القول وجها، والأصل براءة