وهي من وطأ زوجته ولها دون تسع سنين، حرمت عليه أبدا، وفرق بينهما بغير خلاف بينكم في ذلك، هذا في أبواب النكاح من تصانيف أصحابكم، ثم في أبواب الطلاق وأقسامه يذكر هؤلاء أصحاب الكتب والتصانيف من أصحابكم بغير خلاف بينهم، أقسام الطلاق، ومن تجب عليها عدة، ومن لا تجب، فيقولون: من دخل بامرأته (1) ولها دون تسع سنين، وأراد طلاقها، فليطلقها على كل حال، وليس له عليها بعد طلاقه لها عدة، وإن كانت مدخولا بها على الأظهر من أقوال أصحابنا، وقد قلتم إن من دخل بزوجته ولها دون تسع سنين، لا تحل له أبدا، وحرمت عليه أبدا، ويفرق بينهما، فإذا كان قد حرمت عليه أبدا ولا تحل له أبدا، فلا تحتاج حينئذ إلى طلاق، لأن من يحرم أبدا وطؤها على زوجها، ولا تحل له أبدا، كيف تقولون إذا أراد طلاقها فليطلقها، وهذا ظاهره متناقض متناف كما ترى.
قلنا: ليس بين القول بصحة طلاق من ذكر في السؤال، وبين تحريم وطئها على زوجها أبدا وأنها لا تحل له أبدا، تناف ولا تضاد، ولا تناقض، على ما ظنه السائل، وأعتقده، وأي تضاد بين تحريم وطئها على زوجها وصحة طلاقها، لأن صحة الطلاق مبني على صحة العقد، ولا خلاف في صحة عقدها أولا وأنها زوجته، فطريان التحريم، وإن وطئها لا يحل له أبدا، لا يخرجها من كونها زوجة له، وإن عقدها الأول غير صحيح، أو قد انفسخ، إذ لا تنافي بين الحكمين، لأن الأصل صحة العقد واستدامته، فمن ادعى بطلانه بوطئه لها قبل بلوغها تسع سنين يحتاج إلى دليل.
فإن قيل: كيف يكون عقدها ثابتا على ما كان عليه أولا، وهو. لا يحل له وطؤها أبدا؟
قلنا: هذا غير مستبعد من الأحكام الشرعية والمصالح الدينية، لأنا نثبتها