الشرع قبل ورود هذا البيان فرق بين من آمنت بعد كفر، وبين من لم تكفر أصلا، فيكون في البيان لإباحة نكاح الجميع فائدة.
فإن قالوا: لستم بتخصيص هذه الآية بما ذكرتموه، ليسلم لكم ظواهر آياتكم بأولى منا، إذا خصصنا ظواهركم بالمرتدات، والحربيات ليسلم لنا ظواهر الآيات التي نستدل بها.
قلنا: غير مسلم لكم التساوي في ذلك، نحن أولى بالتخصيص منكم، لأنكم تعدلون عن ظواهر كثيرة، ونحن نعدل عن ظاهر واحد، وإذا كان العدول عن الحقيقة إلى المجاز إنما يفعل للضرورة، فقليله أولى من كثيره بغير شبهة.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ويحرم وطء جارية قد ملكها الأب أو الابن، إذا جامعاها، أو نظرا منها إلى ما يحرم على غير مالكها النظر إليه، أو قبلاها بشهوة (1).
قال محمد بن إدريس: أما إذا جامعاها، فلا خلاف في ذلك من جهة الإجماع، ولولا الإجماع لما كان على حظر ذلك دليل من جهة الكتاب أو السنة المتواترة، فأما إذا قبلاها، أو نظرا إليها على ما قال رحمه الله، فلا إجماع على حظر ذلك، بل الأصل الإباحة، مع قوله تعالى: " فانكحوا ما طالب لكم من النساء " (2) وقوله: " أو ما ملكت أيمانكم " (3) وهذا مذهب شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان (4)، والفقيه أبي يعلى سلار رحمهما الله (5)، وبه أفتي.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا ملك الرجل جارية، فوطأها ابنه قبل أن يطأها، حرم على الأب وطؤها، فإن وطأها بعد وطء الأب لم يحرم ذلك على الأب وطؤها (6).