إذا أذن الرجل لعبده في النكاح، فتزوج بامرأة بمهر، وضمن السيد ذلك المهر، ثم إنه باع العبد منها بقدر المهر الذي لزمه، لم يصح البيع، لأن إثباته يؤدي إلى إسقاطه، والمسألة مفروضة، إذا اشترته زوجته قبل الدخول بها، لأنا إذا صححنا ذلك البيع، ملكت المرأة زوجها، وإذا ملكته انفسخ النكاح، وإذا انفسخ النكاح، سقط المهر، لأنه فسخ جاء من قبلها قبل الدخول، وكل فسخ جاء من قبل النساء قبل الدخول أسقط جميع المهر، فإذا سقط المهر، عري البيع عن الثمن، والبيع لا يصح إلا بالثمن، فلما كان إثباته يؤدي إلى إسقاطه، لم يثبت.
إذا تسلم المقر له ما حصل الإقرار به، واستحق ببعض وجوه الاستحقاقات، نزع من يده، وسلم إلى مستحقه، ولا درك للمقر له على المقر، لاختصاص فائدة الإقرار بإسقاط حق المقر فحسب، فإن اقترن بإقراره ضمان الدرك، فمنع مانع من التسليم، أو استحق بعده، فعليه دركه من حيث كان ضمان المقر للدرك دلالة للحاكم، على أن الإقرار حصل عن استحقاق يقتضي ضمان الدرك.
وإن كان الإقرار بعد تقدم دعوى لقائم العين كالدار والفرس، أو بمعين في الذمة، كالدين وثمن المبيع، والأجرة، والأرش، وما أشبه ذلك، فعلى الحاكم إلزامه بالخروج إلى المقر له، مما تعلق بذمته، وتسليم ما في يده من الأعيان القائمة، فإن قامت بينة بعد التسليم باستحقاق عين المقر به، فعلى الحاكم نزعه من يد المقر له به، ولا ضمان عليه، إلا أن يقترن الإقرار بالضمان، أو يكون من حقوق الذمم، كالديون وغيرها، فيضمن على كل حال، فلتلحظ هذه الجملة، وتتأمل.
قال شيخنا أبو جعفر، في مبسوطه في كتاب الإقرار: إذا أعتق رجل عبدين في حال صحته، فادعى عليه رجل أنه غصبهما منه، وأنهما مملوكان له، فأنكر ذلك المعتق، فشهد له المعتقان بذلك، لم تقبل شهادتهما، لأن إثبات شهادتهما يؤدي إلى إسقاطها، لأنه إذا حكم بشهادتهما، لم ينفذ العتق، وإذا لم ينفذ العتق، بقيا على رقهما، وإذا بقيا على رقهما، لم تصح شهادتهما، فلما كان إثباتها