يلزمه، ولا فرق بين أن يعين المبيع أو يطلقه، هذا قول الشافعي، وقال أبو حنيفة:
إذا عينه، قبل منه وصل أو فصل، وإن أطلقه لم يقبل منه، ولزمه الألف، واستدل الشافعي أنه أقر بحق في مقابلة حق لا ينفك أحدهما عن الآخر، فإذا لم يسلم ماله، لم يلزمه ما عليه، واختار شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه، وفي مبسوطه، قول الشافعي، وزاد على استدلال الشافعي، بأن قال: إن الأصل براءة الذمة، ولا دليل على أنه يلزمه، هذا آخر كلامه واستدلاله، ولم يتمسك بإجماع الفرقة، ولا بالأخبار، ولا بكتاب الله تعالى، لأن ذلك لا إجماع عليه، ولا سنة متواترة، ولا كتاب الله سبحانه.
فأما قوله رضي الله عنه: الأصل براءة الذمة، فصحيح من قبل أن يقر المقر بحق الآدمي، فأما بعد الإقرار فقد انتقل من ذلك الأصل، وعاد الأصل ثبوت حق الآدمي، فمن أسقطه يحتاج إلى دليل، ولا دليل عليه من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، بل هذا من تخريجات المخالفين، واستحساناتهم، ومقاييسهم، واجتهاداتهم، وآرائهم، ولقد كفينا بحمد الله جميع ذلك من لزوم الأصول، وإن إقرار العقلاء جائز على نفوسهم، بما يوجب حكما في شريعة الإسلام، وأنه لا يجوز له الرجوع عنه، ولا إسقاطه، ولا إسقاط شئ منه، إلا بما قد أجمعنا عليه من إسقاط بعضه بالاستثناء فحسب، لما دللنا عليه.
ولم يذهب أحد من أصحابنا إلى هذا المقال، ولا أودعه في كتاب، سوى شيخنا أبي جعفر في هذين الكتابين المشار إليهما، وهما المبسوط ومسائل الخلاف، لأنهما فروع المخالفين، وما عداهما من سائر كتبه، لم يتعرض لذلك بقول.
وقلده ونقل من مسطورة ابن البراج، (1) كما قلده في غير ذلك مما أجمعنا على خلافه، من أن الإنسان إذا باع جارية حاملا، لا يجوز له أن يستثني الحمل،