وإن كان الشراء وقع بمال في ذمته، كان ذلك صحيحا، وحل له وطء الجارية، لأن الشراء وقع في الذمة، لا بالعين المغصوبة.
وشيخنا أبو جعفر، رجع عما ذهب إليه في نهايته، وأورده، لأن ذلك خبر واحد، أورده إيرادا لا اعتقادا، رواية السكوني وهو مخالف، عامي المذهب، فقال شيخنا في جواب مسألة سئل عنها، من جملة المسائل الحائريات، المنسوبة إلى أبي الفرج بن الرملي، فقال السائل: وعن رجل اشترى ضيعة، أو خادما بمال، أخذه من قطع الطريق، أو من سرقة، هل يحل له ما يدخل عليه ثمرة هذه الضيعة، أو يحل له أن يطأ هذا الفرج الذي قد اشتراه بمال من سرقة، أو قطع الطريق، وهل يجوز لأحد أن يشتري من هذه الضيعة، وهذا الخادم، وقد علم أنه اشتراه بمال حرام، وهل يطيب لمشتري هذه الضيعة، أو هذا الخادم، أو هو حرام، فعرفنا ذلك.
فقال: الجواب: إن كان الشراء وقع بعين ذلك المال، كان باطلا، ولم يصح جميع ذلك، وإن كان الشراء وقع بمال في ذمته، كان الشراء صحيحا، وقبضه ذلك المال فسادا، وحل وطء الجارية، وغلة الأرض، والشجر، لأن ثمن الأصل في ذمته، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله، وآخر جوابه للسائل (1) وهو الحق الواضح.
فأما الحج بهذا المال، فإن كانت حجة الإسلام، لم يجب عليه قبل ذلك، ولا استقرت في ذمته، ثم حج بهذا المال الحرام، ووجد بعد ذلك، القدرة على الحج بالمال الحلال، وحصلت له شرائط وجوب الحج، فإن حجته الأولى بالمال الحرام، لم تجزه، والواجب عليه الحج ثانيا، فأما إن كان الحج وجب عليه، واستقر في ذمته، قبل غصب المال، ثم حج بذلك المال، فالحجة مجزية