وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: بيع العصير ممن يجعله خمرا، مطلقا مكروه، وليس بفاسد، وبيعه ممن يعلم أنه يجعله خمرا حرام، ولا يبطل البيع، لما روي عن النبي عليه السلام أنه لعن الخمر وبايعها (1). وكذلك الحكم فيمن يبيع شيئا يعص الله به، من قتل مؤمن، أو قطع طريق، وما أشبه ذلك، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطه (2).
وهذا الذي يقوى عندي، لأن العقد لا دليل على بطلانه، لقوله عز وجل:
" أوفوا بالعقود " وليس انضمام هذا الشرط الفاسد الباطل إليه، مما يفسده، بل يبطل الشرط، ويصح العقد.
ومن اشترى من إنسان ماله، فإن كان ماله حلالا، فالبيع حلال طلق - بكسر الطاء - وإن كان ماله حراما، فالبيع باطل، لأنه يشتري ما لا يملكه، وإن كان مختلطا لا يتميز له، فالبيع صحيح، إلا أنه مكروه.
ويكره استعمال الصور، والتماثيل التي هي على صور الحيوان، فأما صور الأشجار وغيرها، مما لا يكون على صور الحيوان، فلا بأس، وقد روي أنه لا كراهة في ذلك إذا استعمله مستعمله في الفرش، وما يوطأ بالأرجل (3).
ولا بأس ببيع الحرير والديباج، وأنواع الإبريسم، والفرق بين الديباج، والحرير، هو أن الديباج ما كان من الحرير مدبجا، منقوشا، موشوا (4)، والحرير بخلاف ذلك، لا يجوز لبسه إذا كان محضا منهما، غير مختلط بالنسبة في شئ، يجوز الصلاة فيه للرجال خاصة، ولا يجوز أيضا الصلاة فيه لهم، إلا ما كان مختلطا حسب ما قدمناه، فيما مضى من كتاب الصلاة.